الربح ومبيعات الأقراص

الربح ومبيعات الأقراص

بسم الله الرحمن الرحيم

على الرغم من كتابتي للعديد من التدوينات التي تتكلم عن صناعة الأنيمي والعديد من جوانبها، لدرجة ظننت أني تكلمت عن كل ما هو مهم وأساسي فيها، إلا أني نسيت الحديث عن هذه النقطة. رأيت بعض الكلام “الناقص” أو “المضلل” بخصوص هذا الموضوع، وهو ما ذكرني بأني لم أتحدث عنه بشكل مفصل من قبل في المدونة، ممّا دفعني للتوقف عن كتابة تدوينة أخرى كنت قد انتهيت من نصفها أو أكثر لأن موضوع هذه التدوينة أكثر أهمية. قد تكون هذه التدوينة جزءاً كبيراً من الإجابة على سؤال “لماذا لا يحصل أنيمي X على موسمٍ ثان؟”، لكن أفضل عدم معاملة هذه التدوينة بهذا الشكل لأنه من الأسئلة المطّاطية التي لا إجابة لها.

كيف يربح الأنيمي؟

هذا السؤال يطرحه كثيرون، وربما أتمادى في القول بأنه خطأ من أساسه. كلمة “أنيمي” في هذه الجملة ليست دقيقةً أبداً، تساهم العديد من الشركات ماليّاً في مشروع إنتاج أنيمي واحد، حيث لا يمكن لشركة واحدة إنتاج الأنيمي بنفسها (هذه كانت الحال في الثمانينات). وإذا عدنا إلى الإجابة الشائعة لسؤال “كيف يربح الأنيمي؟” والتي تكون “بواسطة الأقراص”، فبعض هذه الشركات لا تفيده مبيعات الأقراص كثيراً. الموضوع ليس ببساطة “الأقراص باعت جيداً = الأنيمي (المشروع) كان رابحاً”، بالطبع بعض الشركات المساهمة في المشروع مصدر ربحها الأساسي هو الأقراص لكن بعض الشركات المساهمة الأخرى ليست كذلك، لهذا يجب أن نخوض قليلاً في الحديث عن هذه الشركات المساهمة في المشروع.

أظن أن مصطلح “لجنة الإنتاج” أصبح مألوفاً لقراء مدونتي، لذا سأدخل في صلب الموضوع مباشرةً. كل شركة في لجنة الإنتاج هي شركة ساهمت في تمويل المشروع، قد ترى الكثير من لجان الإنتاج لا تحوي شركات إنتاج موسيقي مثلاً، هذا يعني أن الشركة المنتجة للموسيقى لم تشارك في دفع تكاليف المشروع، وتم إعطاؤها مبلغاً محدداً لتنتج الموسيقى ولا تحصل على أكثر من هذا المبلغ. أما الشركات التي ساهمت في دفع تكاليف المشروع فقد تحصل على نسبة ضئيلة/كبيرة من أرباح الأقراص أو قد لا تحصل. هذا يبين أنه بالنسبة لبعض الشركات مبيعات الأقراص لا تعني شيئاً. كل هذا عموماً يعتمد على دور كل شركة في المشروع ومركزها في لجنة الإنتاج. فلنأخذ مثالاً تخيليّاً لكيف تكون لجنة الإنتاج ونتحدث عنه حتى أوضح النقطة الرئيسية لهذه التدوينة.

  • المنتج
  • صاحب الحقوق (عادةً ناشر العمل المقتبس)
  • شركة البث التلفزيوني أو الرقمي عموماً (قنوات تلفزيون عادةً)
  • المنتج الموسيقي (ينتج الأغاني والأوستات وما شابه)
  • وكالة سيو/آيدول
  • موزع (للأقراص)
  • صاحب حقوق النشر في العالم/في مناطق محددة
  • استديو الإنتاج
  • شركة مصنّعة للمنتجات

حاولت جمع كل الأدوار الممكنة في لجنة الإنتاج مما أتذكره، قد أكون أسقطت بعضها سهواً. بالطبع، لا توجد لجنة إنتاج كهذه إذ أن بعض الشركات تقوم بعدة أدوار في آن واحد أو أن بعض المشاريع لا تحوي شركات بأدوار معينة ضمن لجنة الإنتاج. كل شركة من هذه الشركات تساهم بالمشروع لأهدافها الخاصة، وسيكون المشروع بالنسبة لها “رابحاً” إن حققت هدفها منه. بعض هذه الشركات مصدر دخلها واضح، مثل المنتج الموسيقي (مثال: Lantis) الذي يحقق الربح من مبيعات الأغاني والأوستات (يحصل على نسبة منها)، أو الشركة المصنّعة للمنتجات (فيغرات، أوراق لعب…) التي تحصل على نسبة من مبيعاتها أيضاً. لكن بعض هذه الشركات أمره مبهمٌ قليلاً، مثل وكالة السيو. العديد من الشركات يختلف هدفها في كل مشروع والأمر عموماً يعتمد على كل مشروع وحالته، لكن مثلاً قد تحاول وكالة السيو الدفع بأحد السيو عندها بإشراكه في دور بطولة أو دور رئيسي، ممّا يزيد شهرته ويزيد منفعته للوكالة، كما تحصل على نسبةٍ من أرباح المنتجات المتعلقة بالمشروع التي قام بأدائها السيو هذا (الحفلات، الأغاني…). من الواضح كيف تربح وكالات السيو والمنتجون الموسيقيون الكثير من أنيميات الآيدولز (Love Live!, IM@S…). هذا أحد الأسباب التي تجعل العديد من مغنّيي الافتتاحيات والختاميات في الأعمال التي تنتجها Aniplex (ملك لشركة Sony) من المغنين التابعين لـSony Music، مثل LiSA في SAO وClariS في سلسلة مونوغاتاري، على الرغم من عدم تواجد Sony Music ضمن لجنة الإنتاج.

الآن فلنتكلم عن المنتج الرئيسي للمشروع. بشكلٍ عام، هناك طريقتان أساسيتان يمكن أن يبدأ من خلالهما مشروعٍ أنيمي ما، الأولى: صاحب الحقوق(الناشر) يكوّن لجنة إنتاج ويموّل المشروع ليكون هو المنتج الأساسي، أو قد يتواصل مع شركة إنتاج ليقوموا هم بإدارة المشارع وقيادة لجنة الإنتاج، ويكون الناشر ضمن اللجنة. الحالة الثانية: تتقدم شركة إنتاج إلى صاحب الحقوق بطلب لتحويل العمل X إلى أنيمي، وتموّل هي المشروع. كما يلاحظ من كلى الحالتين أن المنتج الرئيسي هو من يتحمل معظم كلفة المشروع وهو من يديره ويبدؤه، وما إن كان سيتم إنتاج موسم ثان أم لا فالقرار بالغالب يتخذه المنتج حسب رؤيته في حال كان المشروع مربحاً له أم لا. في الحالة الأولى، لدينا ناشر مانجا أو رواية أو أيّاً يكن، ما الذي يدفعه لإنتاج أنيمي والمخاطرة؟ الإجابة واضحة بالنظر إلى هذا الرسم البياني:

هذا الرسم البياني يوضح مبيعات مانجا Sangatsu no Lion. تضاعفت المبيعات بمجرد الإعلان عن اقتباس الأنيمي يوم 9/19، واستمرت بالتضاعف والازدياد بعد عرض الأنيمي لفترة قصيرة. هذه الزيادة الهائلة لوحدها تدفع بعض الناشرين لتمويل مشاريع الاقتباس، سواءً حققت أقراص الأنيمي مبيعاتٍ عالية أم لا، مع العلم أن الناشر يحصل على نسبة كبيرة من هذه المبيعات. أما شركات الإنتاج التي لا تملك الحقوق فلا تحصل على شيء من مبيعات المادة الأصل المقتبسة، ويختلف المصدر الأساسي الذي يحقق منه المنتج الربح في هذه الحالة باختلاف المشروع وتوجهه، لكن بشكل عام تكون الأقراص هي مصدره الأساسي.

خلاصة القول أنه توجد العديد من مصادر الدخل لمختلف المشاريع، وقد يختلف هدف كل شركة في لجنة الإنتاج وربحها الخاص، لا يمكن الحكم ببساطة على مشروعٍ ما بأنه فاشل لمجرد أنه لم يبع الكثير من الأقراص. هذا السبب الذي يجعل العديد من الأنيميات تستمر وتحصل على مواسم ثانية وثالثة على الرغم من عدم بيعها الكثير من الأقراص، متوسط مبيعات أقراص One Piece مثلاً هو أقل من 2000 (وهو ليس بالعدد الكبير)، لكن يمكنني الجزم أنه يحقق أرباح هائلة من مصادر أخرى كثيرة. وفي حالات أخرى يكون الموسم الثاني معدّاً مسبقاً بغض النظر عن أرباح الموسم الأول. يجب التنويه إلى أنني لم أذكر كلمة “استديو” أبداً في هذه المقالة، هذه الأمور عموماً لا دخل للاستديو بها ويمكنك قراءة تدوينتي الخاصة بالاستديوهات لمعرفة المزيد عن هذا الأمر من وجهة نظر الاستديو.