الدليل التعريفي بعملية صناعة الأنيمي

الدليل التعريفي بعملية صناعة الأنيمي

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يتم إنتاج حلقة الأنيمي في اليابان؟ سأحأول الحديث عن هذه العملية ببعضٍ من التفصيل في هذه التدوينة، مع بعض الحديث عن الجانب المالي من العملية. لا يمكن لهذه التدوينة أن تكون دليلاً شاملاً لعملية إنتاج الأنيمي وتفاصيلها، لكنها مدخلٌ جيد لمن يريد أخذ نظرةٍ عامة عن العملية وما تحويها من خطوات. بشكلٍ عام يتحدث هذا الدليل عن إنتاج الأنيمي المتلفز، إلا أن عملية إنتاج الأفلام وغيرها مشابهةٌ في أساسيّاتها بين بعضها البعض ولا فروقاتٍ كبيرة بينها.

في البداية، فلنأخذ فكرة بسيطة عن المراحل التي تمر بها حلقة الأنيمي:

  1. مرحلة ما قبل الإنتاج: ترتيب الأمور المالية، تحديد الاستوديو وطاقم العمل وتصميم الشخصيات.
  2. بدء الإنتاج بكتابة السيناريو.
  3. رسم لوحة القصة.
  4. التصميم ورسم المخططات.
  5. رسم الإطارات المفتاحية.
  6. مرحلة الرسم المفتاحي الثاني -قد يتم اختصارها-.
  7. التدقيق من قبل مشرف الرسوم ومشرف الرسوم العام.
  8. رسم البينيّات.
  9. التركيب: تحويل الإطارات إلى الصيغة الرقمية، ووضع المؤثرات والخلفية وما إلى ذلك.
  10. ما بعد الإنتاج (اضافة الأصوات – قص الحلقة للإعلانات).

مرحلة ما قبل الإنتاج – Pre-production Phase

كيف يبدأ كل شيء؟ من يتخذ قرار صناعة أنيمي؟ عادة ما يكون منتجاً يعمل في مكتب إنتاج لدى شركة معينة. العديد من ناشري المانغا لديهم مكاتب كهذه، أو شركات أخرى (Bandai Visual مثلًا)، أو في أحيان أقل يتخذ قرار صناعة أنيمي استديو أنيمي وراعٍ فقط، وهو الأمر الذي كان منتشرًا في السبعينات والثمانينات أكثر من الآن. المنتج هو أهم طرف في عملية الإنتاج، فهو الذي يدير المشروع، وهو من يدفع المبلغ الأكبر في تمويله ولديه الكلمة العليا في تقرير تفاصيل المشروع، لذا عادةً ما يكون المنتج شركةً كبيرة. غالباً ما يكون المنتج هو صاحب حقوق الملكية الفكرية للعمل أيضاً، وهو أمرٌ مهم عند تقسيم الأرباح.

بعد اتخاذ القرار تبدأ مرحلة ما قبل الإنتاج. عندما يقرر المنتج صناعة أنيمي فإنه سيبحث عن شركاتٍ تساهم في تمويل المشروع، حتى يخفف العبء والمخاطرة عن نفسه. هكذا يذهب المنتج إلى عدة شركات قد تستفيد ماليًا من مشاركتها في الأنيمي ويحأول إقناعها بالمساهمة والحصول على المنفعة المشتركة. على سبيل المثال، عندما تقرر شركة نشر مانغا صنع أنيمي لأحد المانغات عندها، سيتواصلون مع ناشر أقراص فيديو، أو ربما شركة تسجيل تريد أن تشهر مغنٍّ ما فتجعله يؤدي الافتتاحية (Opening) والختامية (Ending)، وبعد عدة اجتماعات ستتشارك عدة شركات في تدفع التكاليف ويحصل المنتج على الميزانية، وبعدها يشكل ما يسمى بـ”لجنة إنتاج” وتبدأ عملية إنتاج الأنيمي.

لجنة إنتاج فيلم The World of Arrietty من استديو Ghibli

فكرة لجنة الإنتاج نشأت في التسعينات بسبب سوء الأوضاع الإقتصادية لليابان آنذاك، والآن على الرغم من أن الأنيمي أصبح أكثر اقتصاديةً من أي وقتٍ مضى إلا أنه ما زال هناك بعض المعوقات المالية، فتكاليف الحلقة الواحدة مرتفعة، حيث تقدر تكاليف حلقة الأنيمي الواحدة ما بين 100-300 ألف دولار، وأنيمي 13 حلقة يكلف 2-4 مليون دولار. كما تحتاج حلقة الأنيمي إلى مئات الأشخاص حول العالم لإنجازها، بعضهم من خارج اليابان حتى (سنعرف دورهم لاحقًا)، استديو Toei Animation (من أعماله ون بيس، دراغون بول وسلام دانك) على سبيل المثال كان وما زال يصدّر العديد من العمليات الإنتاجية إلى دولٍ مثل الفلبين. ومن أجل كل هذه الأمور المالية أصبحت لجنة الإنتاج ضرورة ملحّة عند إنتاج أي أنيمي.

بعدها يبدأ البحث عن طاقم العمل الرئيسي (المخرج والاستديو مثلاً)، والاهتمام بالإعلانات والمنتجات، كما يتم الاهتمام ببعض الأمور المالية المتعلقة بالأنيمي (مثل تكاليف حجز خانة تلفزيونية في إحدى القنوات لعرض الأنيمي، الخانة الواحدة عبارة عن نصف ساعة). بعد تشكيل نواة طاقم العمل ستضع هي بدورها خطةً يسير عليها العمل: كيف ستكون القصة في كل حلقة وفي الأنيمي بشكل عام، ويختارون أعضاء طاقم العمل المتبقين كمصمم الشخصيات أو مصمم الآلات في أنيميات الميكا. يتخلل كل هذا العديد من الاجتماعات بين ممثلي الشركات المختلفة وأفراد الطاقم، تحدد فيها التفاصيل الأساسية مثل معلومات العالم وخلفية الشخصيات وما شابه، كل هذا بموافقة صاحب الحقوق والمنتج الرئيسي للعمل على الأقل.

بعدها يبدأ تصميم الشخصيات، وتصميم الشخصيات عامل مهم في صنع أنيمي جيد بالطبع. عمل مصمم الشخصيات هو جعل رسومات المانغا صالحة للأنيمي أو في حالة الأنيمي الأصلي أو الأنيمي المبني على رواية مكتوبة فعمله هو ابتكار تصاميم بناءً على تعليمات وأوصاف المخرج، أو المنتج، أو الكاتب. بعد الانتهاء من وضع القصة والتصميمات تبدأ مرحلة الإنتاج.

قد تحدث مشكلة أحيانًا إذا نشب خلاف في لجنة الإنتاج حول بعض القرارات، وهذا ما قد يؤدي إلى إيقاف إنتاج الأنيمي بالكامل. على أية حال، إن سار كل شيء بشكل جيد ستحجز خانة عرض معين في إحدى القنوات والإعلان للأنيمي والتعاقد مع استوديو إنتاج.

في لجنة الإنتاج ينوب عن كل شركة ممثل، ويجتمع ممثلو الشركات ويتناقشون في أمور سير العمل. بالطبع لن تتدخل شركة في أمور لا تخصها، لكن شخص واحد لديه السلطة المطلقة، إنه الغينساكوشا أو كاتب المصدر، في حال كان الأنيمي مقتبساً من مانجا أو رواية طبعاً. كل الأمور التي يتفق عليها العاملون على الأنيمي، كتصميم الشخصيات ومسار القصة، ترجع إلى المانجاكا كي يوافق عليها. وهذه نقطة يجهلها الكثيرون، كاتب المصدر (في حالتنا المانجاكا) لديه الكلمة العليا بالنسبة للأنيمي، لكن أغلبهم ليس خبيراً في أمور إنتاج الأنيمي المعقدة، فهم يقضون معظم وقتهم خلف مكتباتهم منشغلين بالتأليف، لهذا عادة ما يوكل الكاتب مديره (شركة النشر مثلًا) بدلًا عنه، وتلك الشركة ستوفر أشخاصاً يتأكدون من الحصول على موافقته. هذا يعني أن الكاتب عادةً لا يتأكد من كل تفاصيل العمل على أية حال.

قد يعتقد الكثير من متابعو الأنيمي أن الاستديو هو من يحرف بعض الأنيميات عن المصدر، وهو مفهومٍ غير دقيق تماماً. قد يكون كاتب السيناريو أو المخرج هو من طرح فكرة تغيير القصة، لكن حقوق المصدر يملكها الناشر أو الكاتب -و هو يوكل الناشر على أية حال- لذا الاستديو يحصل على موافقة منهما أولاً وأخيراً. أي أن الاستديو غير قادر على التحريف دون موافقة وإطلاع الناشر أو الكاتب، الأمر بيدهما، وبعض الناشرين هم من يختارون التحريف. طبعًا أنا أتكلم بشكل عام، كل أنيمي هو حالة خاصة يصعب معرفة من قام بماذا ولماذا، لكن الإستديو لا يقوم بكل شيء كما يعتقد البعض و إن قام بفعل شيء من تحريف أو غيره فهو بموافقة المانجاكا أو ناشره.

كما لن يتم السؤال عن كل التفاصيل الدقيقة. بعض شركات النشر يصعب إرضاؤها أكثر من الأخرى، بعض الشركات لديها طلبات غريبة، يقال أن ناشر مانجا ناروتو يصر على ألا يتم إزالة أو قطع شعرات رأس ناروتو المدببة. بعض الناشرين قد يصل بهم الحال إلى المطالبة بحصول المانجاكا على دعوة إلى حفل الأوسكار لو حصل الأنيمي على ترخيص في أمريكا.

مرحلة الإنتاج – Production Phase

هنا يبدأ الإنتاج الفعلي للعمل. أول خطوة هي كتابة سيناريو الحلقات بناءً على الخطط الموضوعة مسبقًا، قد يكتب السيناريو شخص واحد للأنيمي كله أو عدة أشخاص، من يقرر هذا هو المشرف العام على السيناريو. بعد الانتهاء من كتابة السيناريو يراجعه المخرج والمنتجون وربما كاتب قصة المصدر قبل الانتهاء. مخرج الحلقات يأخذ تلك النصوص ويقرر -تحت إشراف المخرج- كيف ستبدو على الشاشة، المخرج له الكلمة الأخيرة في هذا الأمر لكن مخرج الحلقات يشارك أكثر من المخرج في تطوير الحلقة، حيث أن المخرج ليس لديه الوقت الكافي للتدخل في كل صغيرةٍ وكبيرة في كل حلقة، ويوكل هذه المهام لمخرجي الحلقات. الآن وصلنا إلى مرحلة تسمى “رسم لوحة القصة” وهي تمثل أول ما يُرسم في عملية الإنتاج.

لوحة القصة – Storyboard – 絵コンテ(E-Konte)

لوحة القصة هي المرحلة الجوهرية في تقرير مظهر الأنيمي، وهي الترجمة الأولية لمحتوى السيناريو على شكلٍ بصري، وعليها تبنى باقي العمليات الإنتاجية كلها تقريباً، من رسم المشهد وخلفياته وحتى حركة الكاميرا. عادةً يقوم بها مخرج الحلقات، هذا يعني أن كل حلقة تسير فعليًا على رؤية مخرجها، وقد ترى اختلافاً كبيراً بين الحلقة والأخرى بسبب اختلاف مخرج الحلقات. لكن كثيراً ما يقوم أكثر من شخص برسم لوحة القصة في الأنيمي المتلفز، لأن رسم لوحة قصة لحلقة واحدة من أنيمي متلفز بالطول العادي يحتاج حوالي ثلاث أسابيع. يتم عقد اجتماعات فنية وإنتاجية مع المخرج العام ومخرج الحلقات وباقي طاقم العمل حول مظهر الحلقة. عادةً يتم رسم لوحة القصة على ورقة A-4 وتتضمن لوحة القصة البناء الحيوي للأنيمي: طول المشاهد، حركة الشخصيات، حركة الكاميرا، الحوارات مأخوذة من السناريو …إلخ. قد يكون هناك قيود على عدد الرسومات المتاحة للحلقة بسبب الميزانية، لكن يترك هذا عادةً لرسام التحريك.

في لوحة القصة تنرتّب رسومات المشهد بشكل مبدئي وترسم ببساطة غالباً. في لوحة القصة في الصورة توجد خمس أعمدة من اليسار لليمين: رقم المشهد، التصميم، الحركة، الحوارات، وأخيرًا المدة بالثواني. الرسم ليس دقيقًا لأن أشخاصاً آخرين سيتولون أمره في الخطوة القادمة.

مقارنة مبسّطة لتوضيح العمليات التي يشرف عليها المخرج العام وتلك التي يشرف عليها مخرج الحلقة. مخرج الحلقات موجودٌ في الأفلام أيضاً، بنفس المسمى في اليابانية ويشرف على جزءٍ معينٍ من الفيلم (الثلث الأول مثلاً) بدورٍ مشابه لمخرج الحلقات في الأنيمي.

المشهد يشير إلى مجموعة الإطارات ما بين توقف الكاميرا حتى تحركها، فالمشهد عدة إطارات مجتمعة. حلقة الأنيمي المتلفز الواحدة عادة ما تحوي حوالي 300 مشهد، مشاهد أكثر لا تعني بالضرورة جودةً أفضل لكنها عمل أكثر للمخرج أو رسام لوحة القصة. من الجدير بالذكر أن عدد الإطارات في كل حلقة أنيمي متلفز عادية محدد بـ 24 إطار في الثانية، الذي يختلف هو عدد الإطارات في كل مشهد. كما يجب التنويه أن احتواء حلقة الأنيمي ذات 23 دقيقة على 33 ألف إطار (24 إطار كل ثانية) لا يعني أن هناك 33 ألف رسمة مختلفة، الأنيمي وبالأخص المتلفز عادة ما يكون 2:s، أي أن رسمةً واحدة تدوم إطارين (12 رسمة للثانية)، أو قد يكون 1:s (رسمة كل إطار أو 24 رسمة في الثانية) أو s:3 (رسمة كل ثلاث اطارات أو 8 رسمات في الثانية). لو كان الأنيمي s:2 فهذا يعني استعمال 15000 رسمة للحلقة! لكن لأن العديد من المشاهد لا تحتاج إلى تحريك سلس (المشاهد الغير مهمة) ومع استعمال التحريك الكسول فالمعدل لحلقات الأنيمي هو حوالي 3000 رسمة. المخرج الماهر يستطيع تقديم حلقات رائعة بإستعمال اقل عدد ممكن من الرسمات، هيدياكي آنو استعمل 700 رسمة فقط في الحلقة الأولى من إيفانجليون، بينما أنيمي انجل بيتس – Angel Beats استعمل 11000 رسمة في الحلقة الأولى.

التحريك الكسول – Lazy Animation

هناك أساليب تتبعها الاستديوهات لتوفير الوقت والجهد والمال تعرف بالتحريك الكسول. مثلًا إخفاء وجه الشخصية التي تتحدث وتركيز المشهد على الشخصية الأخرى المستمعة بشكل ثابت دون تحريك، هذا سيوفر جهد تحريك الشخصية التي تتحدث. في بعض المشاهد الدرامية مثلًا تتحول الخلفيات وربما الشخصيات إلى لوحات ثابتة مرسومة بألوان مائية، تخيل كمية الجهد الموفر لو كان المشهد يحتوي على حشود بشرية متحركة؟ هذا يوفر الكثير من المجهود مع إعطاء المشهد حقه من الدراما.

قد يتبادر إلى ذهنك سؤال… هل يتم رسم إطار لكل حركة بسيطة كحركات الشفاه اثناء الحديث؟ بشكل عام، الإجابة هي لا. بدلاً من رسم إطار جديد لحركة الشفاه يتم التعديل على الإطار الأصلي والأمر ذاته ينطبق على الحركات البسيطة كحركة الشعر و غيرها. التعديل قد يتم عن طريق الكمبيوتر، يمكنك التفكير بالشعر و الشفاه كطبقات مختلفة عن باقي المشهد -ستفهم هذا جيدا أن استعملت الفوتشوب- يتم تحريكها لوحدها عند الحاجة.

مخططات المشهد – Layouts – レーアウト

في هذه المرحلة تبدأ حلقة الأنيمي تأخذ شكلها الفعلي القريب للنهائي. في هذه المرحلة ترسم الشخصيات مع الخلفية، مع الاهتمام بمكان كل عنصرٍ من عناصر المشهد نسبة إلى الآخر، بمعنى أننا سنحصل على “مخطط” لمظهر المشهد النهائ. يتم رسم المشهد بالحجم المناسب ويتم تضمين تفاصيل طبقات الرسم، الخلفية المستعملة، تفاصيل حركة الكاميرا، وبعض القرارات الأخرى.

بإشراف من مخرج الحلقة وربما المخرج أو شخصٍ آخر تُرسم المخططات (Layouts) بواسطة رسام التحريك المسؤول عن تحريك هذا المشهد، أو توكل هذه المهمة في بعض الأحيان لأشخاصٍ مهمتهم رسم المخططات وحسب. يكون المخطط مبنيّاً على لوحة القصة بشكلٍ أساسي، ويتضمن مكوناتها، وعادةً ما يختزل المخطط عدة مراحل من لوحة القصة طالما لا يشكل هذا اي إرباك في فهم المشهد. مؤخراً دخل الكمبيوتر والسي جي في هذه العملية وانتشر استعمالهما فيها، كونها طريقةً سهلةً للتعبير عن الأبعاد الثلاثة، أمرٌ مهمٌ لفهم المخطّطات. أمثلة على المخططات من أنيميات مخلفة:

الخلفيات – Backgrounds – 背景(Haikei)

بعد رسم المخطّطات ينقسم إنتاج الأنيمي إلى قسمين: رسم الخلفيات ورسم الشخصيات\الأجسام المتحركة. تذهب المخطّطات إلى هذين القسمين في الوقت ذاته، ويبدأ فنّانون مختلفون في رسم الخلفيات وفي رسم الإطارات المفتاحيّة والبينيّة (سيتم شرحها لاحقاً). بالنسبة للخلفيات، فهي مقيدةٌ بالأسس والأفكار الموضوعة في مرحلة التخطيط للأنيمي، فإن كان الأنيمي يقع في المدينة ستكون خلفياته مستوحاةً من المدن، وإن كان يقع في الريف ستكون مبنيةً على الريف مع إبراز اللون الأخضر ربما، وهكذا. يشرف على الخلفيات شخصٌ يسمى مخرج الخلفيات أو Art Director (美術監督 – Bijutsu Kantoku) بالتعاون مع المخرج العام طبعاً. قد يرسمها مخرج الخلفيات بنفسه، أو يستعين بمساعدة بعض رسامي الخلفيات معه.

مخرج الخلفيات هو من يختار الألوان المستعملة فيها، ويتحكم عموماً بالمظهر والشعور العام لها. مخرج الخلفيات البارع أساسي في خلق بيئة مقنعة وإيصال رسالة الأنيمي. قد تضمن مراحل رسم الخلفيات رسم ما يسمى باللوحات الجمالية – Art Boards(美術ボード)، وهي رسوماتٌ أولية ملونة للخلفيات يستعملها رسامو الخلفيات كمرجعٍ أثناء عملهم، ويرسمها مخرج الخلفيات. هذا شائعٌ في الأفلام أكثر، حيث يوجد متسعٌ من الوقت.

كثيراً ما تكون الخلفيات مبنيةً على الواقع وأماكن من عالمنا. عادةً ما يذهب المخرج وطاقم الأنيمي الرئيسي أثناء مراحل تخطيط العمل إلى أماكن يريدون الاستيحاء منها، وكثيراً ما تبنى الخلفيات وعالم الأنيمي على تلك الأماكن والمدن. أصبح استعمال خلفياتٍ حقيقية أكثر وضوحاً مؤخراً، بعدما أصبح بالإمكان تحويل صورٍ حقيقية إلى خلفيات أنيمي بعد إضافة المؤثرات إليها بالاستعانة بالكمبيوتر، وهو أمرٌ منتشرٌ في الأنيمي المتلفز.

الرسم المفتاحي – Key Animation – 原画(Genga)

بناءً على لوحة القصة والمخطط، يبدأ رسّامو التحريك بالرسم. كما قلت، لا يمكن رسم كل إطارٍ في حلقةٍ أو فيلم، لذا تُرسم الإطارات المهمة فقط، وتنقسم الإطارات المرسومة إلى إطاراتٍ مفتاحيّة وإطارات بينيّة حسب أهميّتها. الإطارات المفتاحية هي أول وآخر إطار في حركة جسم معين في المشهد، من أجل التمهيد لرسم الحركة التي بينهما، أو يمكننا القول انهم يرسمون أساس حركة الشخصيات، وهي أهم نقاطٍ ومحاور لحركةٍ ما. للتوضيح أكثر، رفع رجل إحدى الشخصيات كإطار مفتاحي أولي لحركة الركل وهبوط القدم على الأرض كإطار مفتاحي نهائي، وما بين رفع الرجل وهبوطها هناك لحظة الركل. هذا لا يعني أن الإطارات المفتاحيّة ترسم عند بداية الحركة ونهايتها فقط، بل ترسم في النقاط المحورية المهمة للحركة حسب نظرة الرسام، وعدد الإطارات المفتاحية لكل مشهد يعتمد على الرسام ونوعية المشهد مع أخذ الميزانية والوقت بعين الاعتبار. يتوّلى رسم هذه الإطارات رسّامون لديهم بعض الخبرة عادةً، سنتين أو سنةً ونصف عادةً، وتتضمن خطوطًا تبين الاتجاه الذي سيحصل فيه التظليل وتعليماتٍ للرسامين الأقل مهارةً وخبرةً الذين سيتوّلون رسم باقي رسومات المشهد (المزيد عن هذا لاحقاً).

أهم ميزات الأنيمي الياباني هو أنه رسم يدوي، مقارنةً بالرسوم المتحركة الأمريكي كأفلام ديزني التي تحولت منذ التسعينات إلى رسوم الكمبيوتر. هذا ما يعطي الأنيمي مظهره المميّز، وما يتيح للرسامين إمكانية للتعبير حسب أسالبيهم الخاصة، وهي الفلسفة التي تطورت صناعة الأنيمي بناءً عليها منذ بدايتها. حتى لو كان الرسام يلتزم بلوحة القصة الموضوعة من قبل المخرج، يمكن له إعطاء المشاهد طابعه الخاص، فهو المسؤول عن مظهر الأنيمي النهائي بشكلٍ مباشر، أكثر من أي شخصٍ آخر. بعض الرسامين، المشهورون والأكثر خبرةً ومهارةً، لديهم حريةٌ كبيرة في تنفيذ رؤيتهم الخاصة للمشهد وحتى الخروج عن تعليمات لوحة القصة. الكمبيوتر يقوم بدورٍ كبيرٍ طبعًا، لكن الرسومات في أساسها يدوية. سبب تمسك الصناعة بالرسم اليدوي غالباً هو عدم إمكانية إنتاج رسومات سي جي بجودةٍ مرضية، تحافظ على مظهر الأنيمي المعتاد والمتعارف عليه، في الوقت الضيق الذي يستغرقه إنتاج حلقة أنيمي واحدة. رسامو التحريك يفضلون الرسومات اليدوية على أية حال.

المشهد يظهر حركة للشخصيات يتميز بها الرسام Ebata Ryouma
على اليسار إطار مفتاحي وعلى اليمين الشكل النهائي. الألوان في الرسومات المفتاحية لها معنى بالطبع، الأزرق للدلالة على الظلال، والأحمر للدلالة على مكان التعرض للضوء

يشارك في رسم كل حلقة ما يزيد على 40 رساماً عادةً، كل واحد له جزء معين من الحلقة ومهمةٌ معينة، بعضهم متخصص في نوع معين من المشاهد، يوتاكا ناكامورا – Yutaka Nakamura على سبيل المثال أحد أبرع رسامي مشاهد القتال، ومن أعماله رسم المشاهد القتالية لـCowboy Bebop: Tengoku no Tobira والمشاهد القتالية للحلقة الأولى من Soul Eater. بعض متابعي الأنيمي يتتبعون أعمال بعض الرسامين ويجمعون أروعها في فيديوهات AMV، يمكنك العثور عليها بكتابة “اسم الرسام + MAD” في اليوتيوب.

الرسم المفتاحي الثاني – Second Key Animation – 第二原画(Dai ni Genga)

فكرة الرسم المفتاحي الثاني فكرةٌ قديمة، نشأت مع بدايات صناعة الأنيمي تقريباً، لكنها اختفت لفترةٍ قبل أن تعود في الأنيمي الحديث، وقد تختصرها بعض الأنيميات. في العادة، بعد الانتهاء من الرسم المفتاحي، تُرسل الرسومات إلى مشرف الرسوم المتحركة كي يراجعها ويصححها. أما في حال أٌضيفت هذه الخطوة ستمر الرسومات بمرحلة الرسم المفتاحي الثاني قبل وصولها إلى مشرف الرسوم المتحركة. هذه المرحلة تتضمن شخصاً يقوم بتحسين الرسم، وفي حالاتٍ عديدة إكمال الأجزاء الناقصة فيه.

مع وجود هذه الخطوة أصبح عمل الرسام المفتاحي الأول أكثر أريحية، حيث قل اهتمامه بتحسين الرسم لأنه سيمر بأكثر من مرحلة تصحيح. سبب عودة هذه المرحلة إلى الأنيمي الحديث في الأساس هو ضيق الوقت، أي عدم وجود الوقت الكافي عادةً للرسام المفتاحي الأول لإنهاء رسوماته، وكثيراً ما يقوم الرسام المفتاحي الأول برسم أشكالٍ بسيطة أو رسم الرؤوس وعلاماتٍ إرشادية فقط، تاركاً الباقي للرسام المفتاحي الثاني.

مشرف الرسوم المتحركة – Animation Director – 作画監督(Sakuga Kantoku)

لحلقة الأنيمي عادةً عشرات رسامي التحريك، ما يستلزم وجود شخصٍ يدقق على رسومات هؤلاء الأشخاص، يصحّحها ويتأكد من التزامها بتصاميم الشخصيات السليمة. هذا الشخص يسمى مشرف الرسوم المتحركة. يراجع مشرف الرسوم الإطارات المفتاحية، متأكداً من اتساقها وعدم وجود اختلافاتٍ شاسعة بين بعضها البعض. مشرف الرسوم يكون في الأساس رسام تحريكٍ ذا خبرةٍ عالية. قد يُعيد مشرف الرسوم رسم إطار أو يُعدل على الحركة (غالباً للأوفا والأفلام لوجود أريحيةٍ في الوقت). قد يتفقد مخرج الحلقات الإطارات المفتاحية أيضاً.

مشرف الرسوم المتحركة العام – General Animation Director – 総作画監督(Sou Sakuga Kantoku)

جداول الأنيمي الحديث تزداد صعوبةً والوقت المتوفر لإنتاج الأنيمي يصبح أقل أكثر فأكثر. هذا، تزامناً مع زيادة المتطلبات وارتفاع جودة الأنيمي، ينتج الحاجة إلى المزيد من الأشخاص لإنتاج حلقة الأنيمي الواحدة، المزيد من الرسامين خاصةً. سابقاً، عند ظهور دور مشرف الرسوم لأول مرةً في الستينات، كان عدد رسامي التحريك لا يتجاوز الستة، ولا يصعب على شخصٍ واحدٍ مراجعة كل رسومات هؤلاء. أما الآن، وقد بدأ عدد رسامي التحريك في الحلقة الواحدة يتجاوز العشرات، لم يعد شخصٌ واحدٌ كافياً لمراجعة كل الرسومات في الحلقة الوحدة ضمن القيود الزمنية المفروضة، فازداد عدد مشرفي الرسوم إلى الستة عادةً أو أكثر منها. هذا أدى بدوره إلى وجود اختلافاتٍ بين الرسومات حتى بعد مراجعة مشرف الرسوم لها، فأنت تتحدث عن ستة أشخاصٍ الآن بدلاً من شخصٍ واحد، وهذا يعني الحاجة إلى شخصٍ يراجع مراجعات مشرفي الرسوم، أو ما يسمى مشرف الرسوم العام.

مشرف الرسوم العام يكون مشرف رسومٍ خبير، وعادة ما يكون هو ذاته مصمم شخصيات الأنيمي، ويشرف على كل حلقاته تقريباً. مؤخراً بدأنا نرى الحاجة إلى أكثر من مشرف رسومٍ عام في الأنيمي الواحد، أو حتى في الحلقة الواحدة.

قد تبدو الفكرة مضحكةً بعض الشيء للوهلة الأولى، وبالفعل، التضخم السريع لعدد العاملين في الحلقة الواحدة ونشأة أدوارٍ مثل مشرف الرسوم العام ليست سوى بعضٍ من تبعات المشاكل التي تعاني منها صناعة الأنيمي من الناحية التنظيمية، لكن هذه مسألةٌ أخرى وليست موضوعنا الآن.

الرسم البيني – In-between Animation – 動画(Douga)

الآن لدينا الإطارات المفتاحية، وما تبقى هو الإطارات ما بين المفتاحية، وهي التي تضيف السلاسة للحركة. هذه المرحلة تتضمن رسم الإطارات ما بين المفتاحية وهي الإطارات التي تكون بين الإطار المفتاحي الأولي حتى النهائي، وكثيراً ما توكل هذه المهمة إلى استديوهات في خارج اليابان مثل كوريا، لأن أجور الرسامين أرخص هناك من اليابان. رسامو تلك الإطارات لا يستطيعون إضافة أي بصمة لهم، حيث يتبعون التعليمات مباشرة من قبل رسامي الإطارات المفتاحية، لكن هذا لا يقلل من أهمية البينيّات، فهي الأساس في الحركة السلسة. يقوم بهذه المهمة الرسامون المبتدئون، وتعتبر مرحلةً تدريبية للرسامين الجدد قبل انتقالهم إلى الرسم المفتاحي. أفضل رسامي التحريك سيقومون برسم العديد من هذه الإطارات بأنفسهم، خاصة إن كان مشهدًا مهمًا، للتقليل من عدد الرسومات السيئة والتحكم بالحركة بشكلٍ أدق.

هكذا تبدو الرسومات المفتاحيّة (أنيمي Noein). لاحظ الألوان والملاحظات.
هكذا تبدو الرسومات البينيّة للمشهد ذاته (أنيمي Noein). لاخظ بساطة الرسوم وخلوّها من الملاحظات وما شابه.
هذا المشهد المكتمل (أنيمي Noein).

والآن بعد إضافة الإطارات ما بين المفتاحية بين الإطار المفتاحي الأولي والنهائي… أصبح لدينا أنيمي!  

بالأعلى “مفتاحية”، في المنتصف “بينية منظفة”، بالأسفل “النتيجة مع التلوين والخلفية” (أنيمي Gurren Lagann).

التركيب والتصوير – Compositing/Filming – 撮影(Satsuei)/仕上げ(Shiage)

بعد الانتهاء من الرسم تُنسخ الإطارات إلى صيغةٍ رقمية (Scan)، أي تُنقل إلى الكمبيوتر. هذا ما يسمى بمرحلة التصوير، والاسم مستمدٌ من أصل هذه العملية، حيث كانت الرسومات تصور بكاميرا حقيقية بعد تلوينها. حالياً تلوّن الرسومات بعد نقلها إلى الكمبيوتر رقمياً. يستخدم طاقم التلوين خطوط التظليل التي وضعها الرسامون في رسم الظلال. هذه الخطوة تطورت كثيرًا في القرن الحادي والعشرين، حيث كانت تتم يدويًا في السابق، هذا التطور أتاح الكثير من الأساليب الجديدة في التلوين، كاستعمال الظلال متدرجة وهو أمر صعب يدويًا، كما أن استعمال الكمبيوتر وفر الكثير من المال والوقت. أمرٌ آخر مهم هو الإمكانيات التعبيرية الجديدة التي خلقها هذا الانتقال، فالآن يمكن استعمال أي لونٍ يخطر على البال، بينما كان صنّاع الأنيمي سابقاً مقيدين بالألوان الموجودة لديهم.

بعد التلوين، أصبحت الإطارات جاهزة للتحريك. تُستعمل العديد من البرامج المختلفة في التعديل على الإطارات وتلوينها وجمعها معاً، RETAS! PRO أحد أشهرها في الأنيمي الياباني، ويستعمل لرسم الـCG أيضًا. يستعمل Adobe After Effects و Adobe Flash و CACANi بكثرةٍ أيضاً. في بداية الألفية وبداية استعمال هذه الطريقة واجهت استديوهات الأنيمي مشاكل في المطابقة بين الألون و دقة و نقاء الرسم اليدوي، وبعض المشاكل في اختيار الألوان وتطبيق المؤثرات والجمع بين الشخصيات والخلفية، ومع أننا ما زلنا نرى مشاكل عديدة في هذه الناحية، فالجمع بين الخلفيات والشخصيات قد يكون أضعف جوانب الأنيمي المتلفز الحديث، إلا أننا بدأنا نرى أعمالاً بألوان نقية ومؤثرات مطبقةً بعناية وإتقان. الصور الآتية من أنيمي Air(2005). لاحظ التلوين الغريب للعيون، الخطوط الحادة للشخصيات وغيرها.

بعد جمع الخلفيات مع الشخصيات يُضاف الـCG والمؤثرات. المؤثرات ضرورية لإضافة العمق للأنيمي، كبريق السيف، والإضاءات والظلال وغيرها. هنا تضاف المؤثرات “المبهرجة” أيضاً، مثل الهجمات السحرية والانفجارات، هذه الأمور ترسم يدويًا في العادة لكن يُضاف عليها في الكمبيوتر. المؤثرات لها دورٌ مهم أيضاً في المزج بين الخلفية والشخصيات، فالخلفيات والشخصيات يرسمها أشخاصٌ مختلفون كما قلنا والفرق بينهم يكون واضحاً في الكثير من الأحيان. استخدام الكمبيوتر في هذه العملية يشكل واحدًا من أكبر الفروق بين الأنيمي القديم والجديد. تسمية هذين الخطوتين يختلط أحياناً، فأحياناً يندرج هذا تحت التصوير، وأحياناً يسمى “الإنهاء” أو ما شابه.

نلاحظ التغير الحاصل في التظليل بين نهايات القرن العشرين والآن
للكمبيوتر الفضل الأكبر في تطور رسم الأنيمي، لاحظ تدرج الظلال وتضبيبها في النسخة المسرحية الجديدة من إيفانجيليون مقارنة بالنسخة التلفزيونية الصادرة قبلها بـ12 سنة، في السابق كانت الألوان المائية تستخدم لخلق تأثير التضبيب، ولكن ليس في هذا المثال

تبقى مرحلة واحدة بسيطة، هي مرحلة ما بعد الإنتاج، يمكن اختصارها على أنها مرحلة إضافة الأصوات: الأوستات والدبلجة والمؤثرات الصوتية، وتتضمن أيضًا التحرير النهائي، وهو قص الحلقة من أجل الإعلانات، وربما إضافة بعض المؤثرات البصرية الأخرى. وهكذا، أصبحت حلقة الأنيمي جاهزة للعرض.

مراجعة للمراحل التي تمر بها حلقة الأنيمي

كما ذكر في الصورة، هذه رحلة حلقة الأنيمي بناءً على استديو موساشينو من شيروباكو. قد يختلف الأمر بشكل بسيط من استديو لآخر. كما ترون، مرحلة الرسم المفتاحي الثاني على سبيل المثال غير موجودة

بعض الأمثلة على المراحل التي يمر بها الأنيمي

تلوين أنيمي Tonari no 801-chan

إطارات مفتاحية من أنيمي Birdy

عملية رسم البينيّات من أنيمي Violet Evergarden

مراجعة الرسومات من قبل مشرف الرسوم العام من أنيمي Violet Evergarden

عملية التلوين من أنيمي Violet Evergarden

رسم الخلفيات من أنيمي Violet Evergarden

استعمال الثري دي سي جي في أنيمي Violet Evergarden

إضافة المؤثرات في أنيمي Violet Evergarden

بعض الصور المتحركة

بعد نشر الأنيمي

بعد هذا يصبح عمل المنتج التأكد من سير الأمور بشكل جيد وأن الأنيمي سوف يكون مربحًا. المنتج عادة يكون جاهلًا بما يتعلق بالأمور الفنية عند الأنيمي، ولهذا لا يتدخل بها. هذا الأمر له إيجابيته وسلبياته، من الإيجابيات أن الأنيمي قد يكون أفضل وأكثر إبداعاً مع الحرية الموجودة دون تدخل المنتج، لكن من السلبيات أن المخرج قد يتخذ قرارات خاطئة بعضها كارثية كإضافة بعض العناصر الغير ملائمة للأنيمي، أو المشاهد الغير مناسبة للقصة و سردها، كما أن المخرج قد يتسبب بتأخير الحلقة. إن كان الأنيمي يسير جيدًا فالمنتج سوف يقوم ببيع حقوقه إلى ربما شركة ألعاب تكون مهتمة بصناعة ألعاب لأنيمي ناجح. وأخيرًا المنتج يمكنه بيع حقوق أقراص الفيديو من بلوراي وديفيدي العالمية، هذا كان مربحاً جداً في بداية الألفية لكن لم يعد كذلك الآن.

من المعضلات في الرسم الموازنة بين الدقة والتناسق وبين السلاسة. من الواضح أن مشاهد فيها الكثير من الحركة كمشاهد القتال تحتاج إلى الكثير من الرسومات مع الالتزام بالدقة وهذا قد يشكل بعض الصعوبات، ويمكننا رؤية هذه المشكلة في الكثير من مشاهد دراغون بول القتالية مثلاً. مع وقتٍ محدود، عانى الأنيمي من هذه المشكلة وكافح في سبيل التخلص منها. لكن إن وجد طاقم عمل ممتاز وتوظيف مواهبهم بشكل صحيح سوف نرى الكثير من التحف الفنية في الأنيميات القتالية وغيرها.

اسعار الDVD في امريكا، التغير في سوق الDVD الأمريكي ادى إلى هبوط سعر الحقوق

القليل من الأنيميات تحقق ربحًا سريعًا. وهذا يقودنا إلى النقطة التالية، كيف تحقق الأنيميات الربح؟ أغلب الأنيميات تحتاج إلى وقت طويل كي تعيد المال المدفوع فيها. يقال أن معظم الأنيميات تحقق ربحاً بعد فترة كافية من إعادات العرض و مبيعات الدي في دي والنشر حول العالم، كما أن هذا يعتمد بشكل كبير على نوعية الأنيمي، الكثير من الأنيميات تمثل تسويقًا لمنتج معين وهذا المنتج غالبًا ما يكون المصدر، أي المانغا أو الرواية المصورة أو أيًا كان، وان كنت تطّلع على ترتيب مبيعات المانغا الشهري سوف ترى مانغات الموسم الحالي من الأوائل دائماً. لكن يمكن أن يكون أنيمي أصلي بلا مصدر، وهنا قد يكون تسويقاً للعبة معينة وهذا الأمر كان شائعاً جداً في الثمانينات أكثر من الآن، Yu-Gi-Oh! مثلًا هو تسويق للعبة بطاقات.

على أية حال، هناك منتج واحد تتشارك به كل الأنيميات، وهو أقراص الفيديو مثل البلوراي والديفيدي، والتي كانت المصدر الأساسي للربح بالنسبة لأغلب الأنيميات، وبالأخص التي تعرض في وقت متأخر من الليل، قبل الانخفاض السريع في مبيعاتها بداية العقد الجديد (2010 وما بعد)، وتحول مصدر الربح الأساسي لهذه الأنيميات إلى تراخيص العرض وما شابهها، لدى كرانشي رول مثلاً. الأنيميات التي تعرض آنذاك لا تكون موجهة للأطفال لذا لا تكسب الكثير من بيع الألعاب وأمثالها. وبما أن هدفها هو البالغين فستحتوي على مشاهد عنف وتعري كثيرة عادة ما تحجب في النسخة التلفزيونية بسبب أحد قوانين الإعلام الياباني، ولكنها تعرض بلا حجب في أقراص البلوراي والديفيدي.

كانت للأقراص أهمية بالغة، قد يكفي بيع حوالي 8000 قرص لتعويض المال المدفوع في أنيمي 13 حلقة مثلاً. الرقم صغير لكن مع سعر القرص الواحد الذي يحتوي 2-4 حلقات البالغ 90 دولار تقريبًا فهذا ممكن جدًا، كما أنني أتكلم عن أقل الأنيميات تكلفة، وبالطبع في البداية تكون المبيعات مرتفعة لكنها تبدأ بالتناقص، مبيعات الأقراص في بداية إصدارها هي مؤشر قوي للتنبؤ بنجاح الأنيمي من عدمه.

بالنسبة لتقسيم الأرباح فمن الصعب الجزم فيه. في العديد من الحالات يوجد شخصان يحصلان على نسبة من كل قرص: كاتب المصدر والمخرج، وقد يحصل مغني الافتتاحية والختامية على نسبةٍ من مبيعات الأغاني. النسب تتراوح وقد تكون 1% مثلاً، ليس بالنسبة العالية لكن إن باعت الأقراص ما يكفي سيكون المبلغ جيداً. بيع الأقراص وتراخيص الأنيمي خارج اليابان عملية معقدة بعض الشيء. في بداية الألفية كان سعر الحقوق يصل أحياناً إلى 70 ألف دولار للحلقة، أي نصف تكلفة الأنيمي كاملًا! ومع ظهور خدمات العرض الرقمية أتوقع أن السعر انخفض قليلاً، لكن لا يمكن الجزم في هذا كما قلت. لمعرفة المزيد عن الأرباح في الأنيمي وكيفية تقسيمها اقرأ هذه التدوينة.


وهذه نهاية التدوينة. في حال وجود اي اخطاء، أو اضافات أو اسئلة عن هذه التدوينة فتعليقاتكم مرحبٌ بها. يمكنك قراءة تدويناتي الأخرى عن تفاصيل صناعة الأنيمي لو كنت مهتماً:

من أنا؟

Alex

مهتم بصناعة الأنيمي وكواليس عميلة إنتاجه. أحب الرسوم المتحركة بشكل عام.