إلغايم: مشروع تومينو وناغانو وكوغاوا المنسي

إلغايم: مشروع تومينو وناغانو وكوغاوا المنسي

بسم الله الرحمن الرحيم

أحد أعمال الميكا الثمانينية التي يندر الحديث عنه هو Heavy Metal L-Gaim، على الرغم من أنه كان إحدى التجارب المميزة لي مع الأنيمي في السنة الماضية. مخرج إلغايم كان يوشيوكي تومينو – Toshiyuki Tomino، وفي عز شهرته أيضاً في سنة 1984، بينما كان مصمم الميكا والشخصيات الشهير مامورو ناغانو – Mamoru Nagano في شبابه، والرسوم أشرف عليها تومونوري كوغاوا – Tomonori Kogawa رفقة فريقه الشاب من الاستديو الخاص به استديو بيبو – Bebow. أسماءٌ قوية بالتأكيد، لكن النتيجة النهائية بعيدة تماماً عن المتوقع من مشروعٍ كهذا. إلا أن تميّز هذا المشروع لم يكن في مستوى الإنتاج أو الكتابة، لكن في المشروع نفسه ومشاركة هؤلاء الثلاثة فيه، لهذا أردت التحدث قليلاً عن كلٍ منهم، تومينو وناغانو وكوغاوا في المشروع والنتيجة النهائية. هذه التدوينة تحوي الكثير من التوقعات والافتراضات!

مباشرةً منذ البداية يقدم المسلسل نفسه على أنه هزلي. غير متوقع إن شاهدت أي شيءٍ لمسه تومينو، لكن عندما أفكر في الأمر الآن ربما أراد تومينو السخرية من التصنيف والأدوات القصصية التي كان هو أبرز روادها، أو ربما فقط التخفيف عن نفسه بعد المشاريع الكبيرة التي أنهاها للتو(غندام وإيديون)، لا أعلم. العمل لم يكن جدياً أبداً، ما جعله مختلفاً وممتعاً فعلاً، خلاف البطل مع غريمه(الذي استمر طول المسلسل) كان بدايةً بسبب الطعام، زيارة البطل للثوار فقط لأنه نسي شكرهم إلى آخره. هذه كانت أول مرة يقدم فيها عمل ميكا بهذه الطريقة على حد علمي على الأقل.

العالم نفسه وتفاصيله كانت مناسبةً أيضاً. البطل ورفيقه متجولون في كوكبٍ مليءٍ بالصحارى وقطّاع الطرق، ناهيك عن الثوّار. التجول في الأرجاء، مقابلة شخصياتٍ جديدة، الوقوع في مختلف أنواع المواقف والحالات، كلها عناصر تلائم الجو الهزلي العام جيداً. بشكلٍ عام كانت أول 10-15 حلقة ممتعين.

خشيت أن يأخذ المسلسل منحىً جدياً لاحقاً، ما حصل بالفعل، منهياً بالتالي المتعة والعنصر المميز الذي احتواه العمل. لقد تحول المسلسل ببطء إلى أنيمي ميكا-حروب تقليدي: معركةٌ في كل حلقة، لا شخصياتٍ تموت، تطورات شديدة البطء هنا وهناك، على مدى 30+ حلقة. يمكن تقبل عملٍ كهذا إن احتوى قصةً جذابةً أو قتالاتٍ مذهلة، لكن لا وجود لهذين الشيئين في إلغايم، ما يقودني إلى نقطتي التالية: الرسوم والتحريك.

قتالات الميكا والمؤثرات كانا مملين وعاديين. توجد بعض النوادر الشاذة بالطبع، أحدها الحلقة 14 التي برزت بالنسبة لي واحتوت بالفعل على طاقمٍ مختلفٍ تماماً: متخصصو الميكا من استديو أنيمي آر – Anime R مورياسو تانيغوتشي – Moriyasu Taniguchi(مشرف رسوم الحلقة، كان معلم هيرويوكي أوكيورا)، كاسي ماساهيرو – Kase Masahiro، تورو يوشيدا – Tooru Yoshida، فوميكو كيشي – Fumiko Kishi. على الرغم من التواجد المتكرر لأنيمي آر في أعمال سنرايز من تلك الفترة كمتعاقدٍ فرعي، كانت هذه وحلقةً أخرى الحلقتين الوحيدتين اللتين أنتجوها في إلغايم، والفرق كان واضحاً.

بغض النظر عن الميكا، تحريك الشخصيات كان جذاباً، ما زاد كرهي للتركيز الزائد على الميكا وقتالاتها في النصف الثاني. هزلية العمل دعمها تحريك الشخصيات الطريف والممتع من كوغاوا وتلاميذه.

كوغاوا كان “مخرج الرسوم” للعمل بأكمله، مكتوبةً بالكاتاكانا(アニメーションディレクター) بخلاف كتابتها المعتادة بالكانجي نهاية كل حلقة(作画監督) والذي كان موجوداً في كل حلقة أيضاً. ليست مرته أولى، فقد كان دوره مشابهاً في إيديون – Ideon، لكن هذا ليس دوراً معتاداً في أعمال تلك الفترة، وأعتقد أنه شكلٌ أولي من أشكال مشرف الرسوم العام(総作画監督) في الأنيمي المعاصر. تأثيره على تصاميم الشخصيات واضحٌ ولا شك فيه. على الرغم من تصميم ناغانو للشخصيات، أعتقد أن الشخصيات يجدر بنا نسبها إلى كوغاوا. مزيجٌ مميز بين لمستي هذين الشخصين على الأقل. تحكم كوغاوا بتصاميم الشخصيات عززه كون تلاميذه من استديوه الخاص، بيبو، هم من رسموا الأنيمي بأكمله تقريباً. بيبو، الذي كان عمره لا يزيد على 5 سنوات حينها، قام برسم البينيّات حتى(ربما ليس كلها). إلغايم بشكلٍ عام كان أحد أهدافه تدريب وإشراك مواهب شابة: ناغانو(23)، وجميع أفراد بيبو في عشرينيّاتهم.

يسار: إلغايم، يمين: كول كول باي

أود ذكر أن كوغاوا أستاذٌ في استعمال الألوان أيضاً. هذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى أنه تخرج من قسم التلوين الزيتي من جامعة موساشينو. تومينو وضع ثقته فيه بالنسبة للألوان والإشراف عليها مراتٍ عديدة. ما جذب انتباهي في إلغايم كانت شخصيةً اسها بوسيدال امتلكت أسلوبهاً خاصاً بها في التلوين، بنيّة جعلها(حاكمة ودكتاتورة المجرة) تبرز عن باقي الشخصيات على ما أتوقع، أو هذه هي النتيجة على أية حال. أتوقع كذلك أن كوغاوا كان له يدٌ في هذا. كإضافةٍ جانبية، كنت أتفقد مشاركات كوغاوا في أنيمي الفلكلور الياباني “Folktales from Japan”، وأجد العديد منها مثيرةً للإهتمام. الكثير منها مجرد رسوماتٍ غير متحركة، لكن رسوماتٌ مذهلة الدقة والجمال خاصةً من ناحية الألوان واستعمالها. من الجميل كذلك رؤية لمسة كوغاوا متواجدةً بوضوح حتى بعد مرور كل هذه السنين. سأضع قائمةً بمشاركات كوغاوا في هذا الأنيمي في نهاية التدوينة إن كان أحدهم مهتماً.

شخصية بوسيدال في إلغايم
من حلقات كوغاوا في أنيمي قصص من فلكلور اليابان

على أية حال، نعود إلى إلغايم. قبل إنتاج إلغايم، كان كوغاوا يريد صناعة شيءٍ كوميدي منذ زمن. حركة هزلية، نوعاً ما، تعبيرات طريفة عن الحركة بين مشهدين، مستلهمةً من توم وجيري كونه احتوى أفضل مثالٍ للحركة من هذا النوع(كما قال كوغاوا بنفسه). لا أفهم تماماً مقصد كوغاوا بهذا الكلام، لكن تحريك الشخصيات كان فعلاً طريفاً وممتعاً في إلغايم، مشاهدته أبهجتني أحياناً. هذا أيضاً أصبح نادراً في النصف الثاني من العمل للأسف.

ربما أفضل حلقة سارت على هذا النهج هي الحلقة السابعة، بإشراف هيديتوشي أوموري – Hidetoshi Omori. أوموري رسم بعض المشاهد في الحلقة أيضاً، والتي أتوقع أن هذا(في الأسفل) أحدها. أوموري ورث الأسلوب المحدود في التحريك والتوقيت لكوغاوا بشكلٍ جيد. كوغاوا قال أنه رسم مشهداً في زابونغل – Xabungle تجري فيه شخصيةٌ مسافة 200 متر في 6 مقاطع(ليس مشاهداً!) فقط، وهي القاعدة ذاتها في مشهد أوموري تقريباً. توقيت “وثبي” لكن ليس بشكلٍ متطرف. بالنسبة للأشكال، فشخصياته بشكلٍ عام تحوي العديد من المنحنيات وبخاصةٍ الأطراف، والتي تكون أيضاً نحيفةً ممتدةً، إضافةً إلى بعض التشوهات أثناء الحركة، أسلوبٌ يتكرر لدى بيبو عموماً لكن يبرز خاصةً في حلقات أوموري. قد أصفه عموماً بأسلوب بيبو الغير ناضج تماماً، ليس بتعقيد وتطور عمل أوموري في حلقته الخاصة في سلسلة حلقات روبوت كارنفال – Robot Carnival أو ما فعله بيبو في أوفا كول كول باي – Cool Cool Bye أو غريد – Greed.

تصاميم الميكا كانت، وبشكلٍ غير متوقع، بسيطة. ليس أسلوب تومينو ولا ناغانو، لكن تغير هذا مع تقدم المسلسل، إلى درجة أن الميكا الرئيسية البسيطة وضعت جانباً وأصبح البطل يستعمل ميكا ملونةً تتحول. ربما كان هذا مطلباً من صانعي الألعاب، لا فكرة لدي.

بالنسبة لناغانو، على الرغم من تصميمه للشخصيات والميكا ومشاركته الكبيرة في وضع تفاصيل وأسس العالم والقصة(تومينو قال أنه مشروع ناغانو حتى)، إلا أنه شعر بعدم الرضى عن المنتج النهائي. أحد الأسباب التي دفعته لصناعة المانجا التي يشتهر بها، قصص النجوم الخمسة – Five Star Stories، كان تحقيق أفكاره بشكل أفضل، بالشكل الذي يرضيه تماماً. بنى على العديد من الأشياء التي ظهرت في إلغايم وأعاد استعمال العديد من عناصره، حتى الاسم بنفسه، قصص النجوم الخمسة، مستوحىً من إلغايم كون أحداث قصته تقع في مجموعةٍ شمسية تتكون من خمس كواكب.

كوغاوا كذلك لم يكن راضياً لسببٍ ما. عندما سؤل عن إلغايم، قال ببساطة أنه لو عاد بالزمن لاختار العمل على Southern Cross عندما أتحيت له الفرصة بدلاً من إلغايم. حتى تومينو، المخرج، ترك المشروع تقريباً في نصفه الثاني للبدء بالتخطيط لمسلسل غندام زيتا القادم. بالطبع كان لهذا تأثيرٌ على إلغايم، تحديداً في فقدانه للإتساق والتماسك عند اقترابه من النهاية.


مشاركات كوغاوا في أنيمي قصص من فلكلور اليابان:

#33 الجزء أ، #60 الجزء أ، #68 الجزء ت، #86 الجزء أ، #107 الجزء أ، #112 الجزء ب، #114 الجزء ب، #118 الجزء ب، #129 الجزء أ، #134 الجزء ب، #141 الجزء ت، #146 الجزء ب، #156 الجزء ت، #168 الجزء أ، #173 الجزء ب، #185 الجزء ب، #200 الجزء ب، #208 الجزء أ، #220 جزء ب، #243 جزء ب، #258 جزء أ.