مينكي مومو

مينكي مومو

بسم الله الرحمن الرحيم

تحدثت طويلاً وطويلاً عن مينكي مومو في تويتر، وربما جاء وقت جمع كلامي ورأيي بالعمل هذا في تدوينة واحدة. هذه التدوينة ليست مجرد جمع لمعلوماتٍ وآراءٍ قلتها مسبقاً، بل سأقول كل ما عندي عن السلسلة كاملة تقريباً. ربما هذه أول مرة أكتب تدوينة من هذه النوعية، أتحدث فيها عن عملٍ أو سلسلة واحد\ة بالتفصيل وأقول رأي عنه، وربما لن تكون الأخيرة. على الرغم من قولي هذا، فمينكي مومو ما هي إلا عذرٌ للخوض أكثر في استديو لايف والرسامين المميزين الذين مرّوا على السلسلة.


الأميرة السحرية مينكي مومو(1982~1983)

أول أعمال السلسلة كان المسلسل التلفازي أوائل الثمانينات. بانداي كانت تبحث عن من ينتج لها أنيمي للفتيات الصغيرات تبيع منه الألعاب. مينكي مومو، كمعظم أنيميات التلفاز من تلك الفترة، كان دعايةً للألعاب التي ستصنعها بانداي(تحديداً شركة بوبي التابعة لبانداي). آشي برودكشن(برودكشن ريد حالياً) هم من تولّوا المشروع، وبانداي لم تضع العديد من القيود عليهم سوى كون الأنيمي للفتيات الصغيرات والبطلة فتاةٌ سحريةُ تتحول، لذا كان المشروع أشبه بابن الاستديو وخاصةً رئيسه ومؤسسه توشيهيكو ساتو، الذي تولى إنتاج المشروع وتخطيطه.

بعد ابتكار الشخصية تمت مناقشة تفاصيل القصة الأخرى، ما الذي ستتحول له مومو؟ وما هدفها؟ فكرة العمل مميزةٌ فعلاً، فبدلاً من التحول إلى حالة معينة تكتسب فيها قوىً سحريةً، كـسيلر مون أو ما شابهه من أعمال هذا التصنيف، مومو تتحول إلى امرأة بالغة بتخصصٍ معين. هذا يفتح المجال للعديد والعديد من الاحتمالات، فمرةً تكون مومو متسابقة سياراتٍ محترفة، ومرةً طيارةً تحاول إنقاذ طائرةٍ من السقوط، ومرةً لاعبة كرة قدم… إلخ. خدم هذا العمل بشكلٍ كبير، فكل حلقةٍ كانت مختلفةً عن الأخرى تقريباً، والعديد من الحلقات كانت مستلهمةً من قصصٍ أخرى مشهورة، كالحلقة التي تتحول فيها مومو إلى سنووايت. الفكرة كانت، حسب كلام ساتو، هي في إيصال مفهوم أنه يمكن للفتيات أن يقمن بأي عملٍ يردنه. كان لدى ساتو، أثناء عرض مينكي مومو، فتاةٌ بالروضة، وبشكلٍ عام لم تكن صورة المرأة العاملة رائجة في اليابان آنذاك، لذا يمكن رؤية كيف كانت هذه الفكرة محببةً لدى ساتو وآشي برودكشن. هذه مقابلةً جيدة مع ساتو إن كان أحدهم مهتماً.

ربما تكون مينكي مومو ابنة استديو آشي برودكشن فكرياً، لكن يمكن القول أنها ابنة استديو لايف – Studio Live من ناحيةٍ فنّيّة. هذا واضح في كون رئيس استديو لايف آنذاك، تويو أشيدا – Toyo Ashida، مصمم شخصيات العمل. بالطبع تم تصدير\توكيل العمل في العديد من الحلقات إلى استديوهات عديدة مختلفة عدا استديو لايف، لكنه يكاد يكون الوحيد الذي قدم عملاً بارزاً.

يبدأ الأنيمي فعلياً مع استديو لايف، حيث رسم هيروشي واتانابي – Hiroshi Watanabe(من استديو لايف) الافتتاحية الأولى كاملاً لوحده. حتى أن مشهد التحول لمومو المستعمل في كل حلقة رسمه هيروشي أيضاً. فعلياً الحلقات الجيدة في المسلسل هي حلقات استديو لايف فقط، وبالتحديد حلقات هيروشي واتانابي. بالطبع توجد بعض الاستثناءات هنا وهناك، التي سأحاول التحدث عنها قليلاً لاحقاً. بالعودة إلى هيروشي واتانابي فقد أشرف على الحلقات 26، 36، 42، 50، 55، 61، أو ست حلقاتٍ بالمجمل، والحلقة 26 كانت أول مرةً يقوم بهذا الدور في مسيرته. بينما الحلقات التي عمل فيها رساماً كانت 13، 15، 26، 36، 42، 46، 48، 50، 55، 61، 63، أو 11 حلقةٍ بالمجمل.

معظم الحلقات التي أشرف عليها واتانابي أو رسم فيها كانت ذات جودة عالية وهي الأفضل في المسلسل. أسلوب واتانابي تلك الفترة متأثرٌ جداً بكانادا(وحتى في مشاهده الحديثة النادرة)، لكن يميل للنعومة والسلاسة أكثر في توقيته. ما يعجبني خاصةً في أعماله هي المؤثرات التي يقوم بها وتعامله مع الموائع، واتانابي من أفضل رسامي الموائع في تلك الفترة على الأقل برأيي. هذا الشي يبرز تحديداً في مينكي مومو، حيث الشرير الذي تواجهه مومو في الحلقات الأخيرة عبارةٌ عن سحابةٍ سوداء. أتوقع أن أبرز مشاهد الشرير كانت كلها من رسم واتانابي، وبخاصة الحلقة الأخيرة التي احتوت كميةً ضحمة من مشاهد الموائع(الشرير) المتقنة، وهي من أفضل حلقات العمل بشكلٍ عام.

أحد الأركات المفاجئة في مينكي مومو كانتا الحلقتين 45 و46. لا أعلم إن كنت ستعتبر هذا حرقاً، كون مينكي مومو مسلسلاً لا يعتمد على القصة وبالكاد تأثر أحداث الحلقة الماضية على التي تليها، لكن يمكنك تجاوز الكلام الملون بالأحمر إن كنت لا تريد القراءة عن أحداثٍ محصورٌ تأثيرها على حلقتين من أنيمي ماهو شوجو عرض عام 1982. في الحلقة 45، وأثناء محاولة مومو مساعدة أحد الأشخاص، تحصل حادثةٌ تتسبب في كسر عصا مومو، وبالتالي عدم قدرتها على استعمال السحر. كانت الحلقتان هاتان بجوّءٍ كئيبٍ بعض الشيء، لكن ما يميّزهما بنظري هو تركيزهما على الجانب الطبيعي لمومو كفتاةٍ بشرية صغيرة. التركيز على مشاهد ارتدائها ملابسها، استيقاظها من النوم وما إلى ذلك. هذا التركيز سمح لـواتانابي باستعراض مجالٍ آخر يتميّز فيه، وهو تحريك الشخصيات. بعض المشاهد في الحلقة 46 من واتانابي تضمنت تحريك شخصياتٍ رائع، بالأخص هذا المشهد الذي ترتدي فيه مومو ملابسها. أرى أن هذا المشهد يظهر ميول واتانابي بعيداً عن التأثير الكاناداوي عليه.

لكن الحلقة 46 أخذت منحنىً أكثر حدّة. بينما تواصل مومو حياتها الطبيعية، يتسبب حادث سيرٍ بوفاتها. تفاجأت قليلاً عندما شاهدت الحلقة لأول مرة، لكن وجدت تفسيراً يبدو منطقياً بعض الشيء لأحداث هاتين الحلقتين، ولو أني لا أستطيع تأكيد صحته. يقال أن الراعي، بوبي(صانع الألعاب)، لم يحقق المبيعات التي كان يتوقعها من ألعاب مينكي مومو، فقرر بعد انتهاء إنتاج الحلقة 45 بقليل سحب تمويله للعمل. آشي برودكشن، ممتعضين من هذا القرار، قرروا تغيير السيناريو للحلقة التالية بالشكل هذا، حتى أنه يقال أن ساتو كتب مقالاً ينتقد فيه بوبي وتصرفهم في مجلة OUT. من المثير للسخرية أن الشاحنة التي دهست مومو كانت مليئة بالألعاب، وبعد الحادث تناثرت الألعاب على الشارع وبقيت الكاميرا مركزة على الألعاب المتطايرة لدقيقة أو حوالي ذلك. على الرغم من سحب بوبي تمويلهم، تقاييم مينكي مومو التلفازية كانت مرتفعة، لذا استطاع آشي برودكشن إكمال الأنيمي. سحب الراعي تمويله لم يكن شيئاً غريباً في تلك الفترة، وهو أمرٌ يسهل ملاحظته لكون تأثير الراعي على العمل آنذاك ضخم على العمل، فهو الممول الوحيد تقريباً، فإن لم يربح من العمل فمن الطبيعي أن يسحب تمويله قبل إنتهاء إنتاج نصف العمل حتى.

لن أتحدث أكثر عن واتانابي، فهناك شخصٌ آخر يستحق الذكر من استديو لايف، وهو هيرومي ماتسوشيتا – Hiromi Matsushita. هيرومي ماتسوشيتا يمكن اعتباره كرفيقٍ لـواتانابي، حيث عمل على الحلقات 26، 36، 42، 46، 50، 55، 61، 63، كلها حلقاتٌ عمل عليها واتانابي أيضاً. إن رأيت مشهداً ممتازاً في مينكي مومو لم يرسمه واتانابي، فهو غالباً من رسم ماتسوشيتا. ماتسوشيتا لديه أيضاً أسلوبٌ ناعم، ربما أنعم من واتانابي، مع تأثره بـكانادا. وصفي لأسلوبهما متشابه، وهو لكوني بصراحة غير ضليعٍ بأسلوبهما كفايةً لتفريقه، إلا ربما في المشاهد التي تحوي المؤثرات أو الموائع.

ماتسوشيتا زوجٌ لرسامةٍ أخرى من استديو لايف عملت على مينكي مومو، وهي كازوكو تادانو – Kazuko Tadano. قد يبدو اسمها مألوفاً للبعض، فهي من سيصمم شخصيات سيلر مون – Sailor Moon بعد بضعة سنين. أعتقد أن أول مرةٍ شاركت فيها تادانو كرسّامة مفتاحيّات كانت في الحلقة الـ55 من مينكي مومو. بالنسبة للترقية إلى رسّامي مفتاحيّات، فلدينا أيضاً هيروشي كوجينا – Hiroshi Kojina، الرئيس الحالي لاستديو لايف. أول مرة عمل فيها كوجينا كرسّام مفتاحيّات كانت في الواقع في أحد إعلانات ألعاب مينكي مومو، قد يكون هذا.

بالنسبة لبعض المفاجئات الجميلة في المسلسل، فلدينا الحلقتان 14 و9، اللتان تتضمنّان العديد من المشاهد من رسم شينساكو كوزوما – Shinsaku Kozuma، أحد أبرز الرسامين الكاناداويّين في تلك الفترة. لا توجد مشاهد قوية(highlight) بالتحديد، لكن توجد الكثير من المشاهد ذات التوقيت “الحاد” الخاص بكوزوما. كوزوما كان من أوائل الرسامين الذين أخذوا التوقيت الكاناداوي بشكلٍ حادٍ أو متطرفٍ أكثر على ما أظن، ويمكن رؤية هذا في عمله على مينكي مومو.

حلقةٌ أخرى جيدة كانت الحلقة 45. لا شخص بالتحديد كان السبب في تميز هذه الحلقة، بل المجموعة بأكملها. 4 أشخاصٍ فقط أنجزوا كل شيءٍ في هذه الحلقة، من إشراف الرسوم حتى رسم البينيّات. ليس من الغريب رؤية هذا العدد الضئيل في الأنيميات القديمة، لكن هذه المجموعة ذاتها أنجزت العديد من الحلقات سويةً، وهي 17، 21، 22، 31، 35، 40، 45، 49، 53، 62. المجموعة هذه، بالإضافة إلى المخرج الذي أخرج جميع هذه الحلقات، ميتسو كوساكابي – Mitsuo Kusakabe، سيجتمعون لاحقاً لتأسيس استديو ساين – Sign. هذا رابط موقع الاستديو.


الأميرة السحرية مينكي مومو: رقصة في الحلم(1985)

الآن جئنا لأفضل أعمال السلسلة برأيي، الأوفا(بطول وصيغة فيلم). لا أعلم من أين أبدأ بالحديث عن هذا الفيلم، يمكننا البدء بتعداد بعض الرسامين الذين شاركوا فيه: ياماوتشي نورياسو – Yamauchi Noriyasu(لايف)، يوشيماتسو تاكاهيرو – Yoshimatsu Takahero(لايف)، ميتشيتاكا كيكوتشي – Michitaka Kikuchi(كوسوما آرت؟)، يوشيهارو فوكوكشيما – Yoshiharu Fukushima(نيو ميديا؟)، كوجي إيتو – Koji Ito(غرافيتون)، وأخيراً واتانابي وماتسوشيتا إلى جانب العديدين غيرهم. قائمة أسماء بهذه القوة كانت كفيلة بجعل الفيلم هذا من أفضل الأعمال وأجملها على مستوى الأنيميشن في أوائل الثمانينات على الأقل.

مرة أخرى، افتتاحية الفيلم من استديو لايف. لكن ليس واتانابي هذه المرة، بل كازوكو تادانو. الافتتاحية رائعة، وبخاصة التظليل والرسم، ولو أن التحريك جيدٌ كذلك لكن يمكن رؤية توجه تادانو كشخصٍ يركز على الرسم أكثر من التحريك، وهو ما قادها ربما إلى مسيرتها كمصمّمة شخصيات. ربما احتوت هذه الافتتاحية على أجمل صورةٍ لمومو.

بشكلٍ عام، ما يميّز الفيلم برأيي ليست وفرة المشاهد القوية أو البارزة، بل بكون الفيلم عموماً على مستوىً عالٍ وبالتحديد على الأسلوب الكاناداوي. إخراج(إشراف) واتانابي للرسوم كان عاملاً أساسيّاً في هذا، فمن بداية الفيلم وحتى نهايته، حتى في المشاهد اليومية العادية، كان الفيلم مشبعاً بهذا الأسلوب الممتع. قد يميل هذا لكونه تفضيلاً شخصياً أكثر، لكن لن أمانع مشاهدة عشرات الأفلام بهذا الأسلوب. عموماً، كانت الحرية واسعةً للرسامين في الفيلم على ما يبدو، وبالنسبة لعملٍ واسع الحرية أنتج في أوج الموجة الكاناداوية لم تكن النتيجة مستغربةً.

لو ذهبنا إلى التفاصيل الشخصية، لفت انتباهي خاصةً عمل نورياسو ياماوتشي في الفيلم. ياماوتشي سيصبح من الرسامين الواقعيّين القوّيين لاحقاً، على الرغم من كون بدايته في أعمال مثل Cream Lemon Pop Chaser وهذا الفيلم، المشبعة بالأسلوب الكاناداوي(البعيد عن الواقعية)، وكونه هو بالأساس(حتى يومنا هذا) عضواً في استديو لايف. مشهده الشهير في فيلم غاينكس The Wings of Honnêamise يظهر مدى براعته في هذا الأسلوب، ومشاهده في فيلم مينكي مومو عموماً تظهر توجهه الواقعي ولو بشكلٍ طفيف. يمكن رؤية اهتمام ياماوتشي الشغوف بالطائرات والمعدات العسكرية أيضاً. شخصياً أحتاج للمزيد من البحث والإطلاع على أسلوبه قبل أن أتحدث عنه أكثر.

مشهدٌ لافتٌ آخر كان مشهد التنانين. الطريقة التي تنفث فيها التنانين نيرانها ذكرتني كثيراً بهذين المشهدين. الأول مشهد واتانابي في Maeterlinck No Aoi Tori، وهو مشهدٌ مذهلٌ بحد ذاته، ويقال أنه مستلهمٌ من مشهد قتال التنين الشهير في فيلم Wanpaku Ouji. المشهد الآخر من أنيمي Galatt الذي شهد تواجداً بارزاً لاستديو لايف ورساميه، ومن رسم واتانابي أيضاً. هذا يدفعني للقول، بنسبةً عاليةً من التأكد، بأن مشهد التنانين من رسم واتانابي. واتانابي قدم إلى جانب هذا ما يعد ربما أفضل مشاهد الفيلم، وهو مشهد الهروب في المدينة.

هيروشي كوجينا رسم أفضل مشهد تحول لمومو في السلسلة، بينما كان كوجي إيتو ربما بطل الفيلم بمشهديه هذين. ليس لدي شيءٌ مميزٌ آخر لأذكره عن رسامي الفيلم، سوى ربما كون أسماء الشارة للرسامين قسّمت، على ما أرجّح، حسب كونهم من استديو لايف أم لا. فالقسم الأول كلهم من استديو لايف(لم أتأكد منهم كلهم لكن من الذين أعرفهم على الأقل)، والقسم الثاني من خارج استديو لايف.

يمكن الإطلاع على المشاهد البارزة كلها في البورو، وأنصح بمشاهدته عوضاً عن ذلك، فالفيلم لا يقدم مستوىً عالياً من التحريك والرسوم فحسب، بل يدعمه بأحداث ممتعة. مرةً أخرى تقتبس السلسلة قصةً أو شخصيةً عالميةً مشهورةً بطريقتها الخاصة، هذه المرة كان الدور على بيتر بان. لا أريد الخوض كثيراً في قصة الفيلم التي يمكن قراءتها في أي مكان، لكن القصة ليست هي المهم بأية حال. هذا الفيلم، بل قد أشمل السلسلة كاملةً في كلامي، الممتع فيه هو تنوعه. تبدأ القصة في مسرحٍ في المدينة، ثم إلى جزيرةٍ نائية، ثم عالمٍ سحري للأطفال، انتهاءاً بالحرب، لا يتردد الفيلم بإدخال مشاهد رقص أو سباق لا طائل منها، وربما تحيد عن نسق السرد للقصة، بهدف المتعة فحسب. حتى مع كون الهدف هو المتعة، مدينة الأطفال المدمرة والألعاب الملقية على الأرض كانت رسالةً قويةً أيضاً.

إلى جانب بيتر بان احتوى الفيلم عديداً من الإشارات والنكات لشخصياتٍ أخرى شهيرة، كما قدم مفارقةً جميلةً في تمحوره حول بلاد الطفولة الأبدية التي يحكمها بيتر بان، بينما تكمن قوة مومو السحرية في الأساس بتحولها إلى بالغة، ولو أني وددت الخوض في هذه المفارقة أكثر ممّا فعله الفيلم. بالمجمل، سيشد الفيلم انتباهك وتركيزك من أول لحظة وحتى آخر مشهد.


الأميرة السحرية مينكي مومو ضد الملاك السحري كريمي مامي(1985)

“الملاك السحري كريمي مامي” كانت سلسلة فتاةٍ سحرية(ماهو شوجو) أخرى شهيرة في أوائل الثمانينات. أرى أسماء أعمال الفتيات السحريات(الماهو شوجو) في تلك الفترة، التي كانت تشهد رواجاً وانتشاراً لهذه الأعمال، كلها سخيفةً بشكلٍ طريف، كلها كانت على هذا المنوال، كـ”الآيدول السحرية باستيل يومي” أو نجمة السحر إيمي السحرية”. بالعودة إلى كريمي مامي، فهي سلسلةٌ طويلة تحتاج مقالةً أخرى لتفصيلها، لست بصدد كتابتها على أية حال كوني غير مهتمٍ  بالسلسلة، لكن ما يهمنا هنا هو كون أحد منتجي الأنيمي، أونو مينوري، عمل أيضاً منتجاً على مينكي مومو، وهو الشخص الذي دفع بفكرة هذه الأوفا على ما أظن كإضافةٍ ترويجيّة لفيلم مينكي مومو وأوفا كريمي مامي(مع العلم أن شركته هي التي خطّطت وأنتجت الأوفا).

الأوفا القصيرة هذه مثيرةٌ للإهتمام بالفعل، فهي فرصةٌ لرؤية نجوم كلي السلسلتين في عملٍ واحد. تومومي موتشيزوكي – Tomomi Mochizuki كان مخرج الأوفا، وهو من مخرجي الحلقات الرئيسيّين في مسلسل كريمي مامي التلفازي. لم يكن الإخراج من أقوى الجوانب في مينكي مومو برأيي، وموتشيزوكي مخرجٌ مميز على ذلك. حلقاته في كريمي مامي كانت مميزةً، وبعد هذه الأوفا بثلاث سنين سيخرج مسلسل Kimagure Orange Road ومن ثم أشهر أعماله ربما، الفيلم الذي شارك فيه غيبلي Umi ga Kikoeru. افتتاحية كيماغوري الثالثة التي أخرجها أعدّها عملاً تاريخياً في صناعة الأنيمي.

موتشيزوكي كان من المخرجين المتطلبّين، فمشاهد تحريك الكاميرا المتكررة ليس من السهل تنفيذها. من المفيد النظر إلى الأشخاص الذين رافقوه في العديد من أعماله. أولاً زوجته ماساكو غوتو – Masako Goto، التي كثيراً ما أشرفت على حلقاته كما كانت مشرفة رسوم كريمي مامي في هذه الأوفا. من ناحية الرسامين فكان هيروكي تاكاغي – Hiroki Takagi من الذين استعان بهم موتشيزوكي عدة مرات في تنفيذ مشاهده المميزة. تاكاغي عمل كثيراً على سلسلة كريمي مامي والعديد من السلاسل الشهيرة الأخرى من تلك الفترة، لكن لم تسنح لي الفرصة حتى الآن للإطلاع على أعماله عموماً، أذكر هذا المشهد كأحد أبرزها. تاكاغي توفي مع الأسف في الشهر الثاني من العام الحالي 2018. هؤلاء الثلاثة كانوا أشبه بفريقٍ لكثرة عملهم سوياً، وربما لم يكن السبب سوى كونهم من الاستديو ذاته، أجيا دو(亜細亜堂).

الرسام الثالث والأخير في الأوفا، ميتشيتاكا كيكوتشي، كان من استديو كوساما آرت(草間アート) على ما أظن. بالطبع كل الذين ذكرتهم انتقلوا إلى استديوهاتٍ أخرى لاحقاً، لكن أرى أن متابعة تلك التنقلات مثيرةٌ للإهتمام بل ومهمةٌ أحياناً، لذا أذكرها هنا. قد لا يكون كيكوتشي من استديو لايف أو أجيا دو، لكن مشاركته تلك الفترة تجاوزت حدود سلسلةٍ معينة ليكون من أبرز الرسامين في مجموعة أعمال الفتيات السحريّات الخاصة باستديو بيرو(التي تشمل كل الأنيميات المذكورة سلفاً عدا مينكي مومو بالإضافة إلى عدة أعمال أخرى). أعمال هذه المجموعة كانت من تخطيط الشركة ذاتها التي خطّطت مينكي مومو، شركة يوميكو للإعلان(株式会社読売広告社)، والمنتج ذاته، أونو مينوري، أنتج حصةً كبيرةً منها. ربما هذا يفسر لماذا عمل بعض الأشخاص مثل كيكوتشي على مشاريع معينة.

بكون كل الرسامين من خارج سلسلة مينكي مومو، احتاجت الأوفا إلى مشرف رسوم مينكي مومو، ومن أفضل من هيروشي واتانابي ليقوم بهذا الدور. واتانابي، كما سنرى لاحقاً، من أعمدة السلسلة وسيلعب دوراً رئيسياً في باقي أعمالها، ما أضاف لها لمسةً جميلةً. لا أريد استباق الكلام عن باقي السلسلة، لكن لم يعد هناك ما أود قوله عن هذه الأوفا، سوا كونها عرضاً جميلاً للرسم والتحريك وتطبيقاً ممتعاً لفكرةٍ مميزة.


مينكي مومو في جسر الأحلام + مينكي مومو في محطة الذكريات(1993 + 1995)

الأوفتان اللتان صدرتا في النصف الأول من التسعينات لم يكن مستواهما الإنتاجي عالياً، لكن كانتا مميّزتين قصصيّاً. لن أخوض كثيراً في هذه الناحية كونه ليس تخصصي أو اهتمامي بأية حال. الأوفا الأولى(جسر الأحلام) ربما قدمت أفضل قصةٍ في السلسلة كلها. بالعودة إلى كلامي عن الحلقة 45 من المسلسل الأول، فهذه الأوفا تعرض مومو كفتاةٍ عادية طوال فترة الأوفا، بل ولا تتضمن أي عنصرٍ سحري تقريباً. الأوفا تعرض حياة الناس وتتمحور حول اللقاء والفراق بشكلٍ عام، ما أنتج أوفا لطيفةً وشاعريّةً بعض الشيء.

ولو أن الأوفا لم تعرض مستوىً عالياً من الرسم والتحريك، لا يعني هذا عدم وجود شيءٍ جديرٍ بالذكر بهذا الخصوص. الأوفتان كانتا من إنتاج استديو آشي برودكشن، الاستديو المنتج للمسلسل الأول، لكن بمساعدة استديو آخر(制作協力). في هذه الأوفا كان هذا الاستديو هو استديو جونيو(スタジオジュニオ). استديو جونيو أخرج العديد من الرسامين الممتازين، أشهرهم توشيوكي إينوي – Toshiyuki Inoue، وكان من الاستديوهات الرئيسية في مسلسل مينكي مومو الثاني المعروض أوائل التسعينات. لم نرى إينوي أو أفضل رسامي جونيو في سلسلة مينكي مومو عموماً.

الاستديو المساعد في الأوفا الثانية كان استديو لايف ذاته. للأسف، لم يعد استديو لايف في أفضل أيامه أثناء إنتاج هذه الأوفا(ظاهرة عامة بالنسبة للاستديوهات الصغيرة)، وهو ما انعكس بكون الأوفا لا تحوي مشاهد مميزةً كتلك التي في المسلسل الأول أو الفيلم. ما ميّز الأوفا كان عمل واتانابي فيها، فقام بتصميم الشخصيات ورسم لوحة القصة والإخراج. تصاميم الشخصيات تحديداً أعجبتني جداً، والتي كانت بسيطةً وجميلة في الوقت ذاته، تتلاءم مع توجه واتانابي وخلفيته كرسّام تحريك على ما أظن. حتى لوحة القصة والإخراج لم يكونا سيئين، بشكلٍ عام كانت نتيجةٍ جيدةً ولو أن اللقاء بين شخصيتي مومو من المسلسلين يستحق أوفا أكثر من جيدة.

لم أتحدث عن المسلسل الثاني، ولا أظن أني سأتحدث عنه أبداً، فلست مهتماً كثيراً بالعاملين عليه. نعم واتانابي كان له دورٌ أهم في المسلسل الثاني بمشاركته بتصميم الشخصيات وإخراجه بضعة حلقات، لكن عوضاً عن ذلك لا وجود للأشخاص الذين جعلوا الفيلم أو حتى المسلسل ممتعاً للفرجة، واستديو لايف، كما قلت، كانت أيامه الذهبية قد ولّت. حتى عمل واتانابي يغلب عليه الإخراج والذي لا يهمني كثيراً، فما يعجبني في واتانابي هو أسلوب رسمه وليس إخراجه.

لم أتوقع كتابة كل هذا عن سلسلة مينكي مومو، ولو أني استغليت أي فرصة للخروج عن السلسلة والحديث عن العاملين والاستديوهات. أتمنى أن لا تكون هذه التدوينة خيّبت أمل الأشخاص المعدودين الذين قرؤوها كاملةً، ممّن كانوا منتظرين شيئاً مثيراً أو ممتعاً أكثر من شخصٍ لم يكتب لقرابة النصف سنة. حتى لقاءٍ آخر، أقرب من نصف سنةٍ ربما.