المخرج تومومي موتشيزوكي

المخرج تومومي موتشيزوكي

بسم الله الرحمن الرحيم

نشرت بالعربية على أنمي ثيرابي وبالإنجليزية على SakugaBlog. وجود هذه التدوينة هنا هدفه الأرشفة وجمع تدويناتي في مكانٍ واحد.

تابعت مؤخراً فيلم Maison Ikkoku Kanketsu hen، من إخراج تومومي موتشيزوكي – Tomomi Mochizuki، والذي ذكرني بأن موتشيزوكي كان فعلاً من أفضل مخرجي الأنيمي في الثمانينات والتسعينات، لذا قررت الكتابة عن مسيرته والتعريف به. كنت أحب أعماله قبل متابعة الفيلم طبعاً، ولطالما أردت كتابة هذه التدوينة.

فلنبدأ بأخذ خلفيةٍ عن بدايته في الصناعة كما هي العادة مع هذا النوع من التدوينات. بدأ موتشيزوكي مسيرته كرسام تحريك لدى استديو Ajia-Do بعد تركه الجامعة. بعد سنة واحدة فقط من عمله كرسام بينيّات، تولّى إخراج حلقةٍ للمرة الأولى في الحلقة 14 من أنيمي Tokimeki Tonight (سنة واحدة من الخبرة مدة قصيرة بالنسبة لمخرج حلقات). ولا يبدو أنه كان لديه أي سببٍ أو خطةٍ ما عند تحويله من الرسم إلى الإخراج.

كانت بداية تكوّن أسلوب موتشيزوكي الإخراجي المميز في الحلقات التي أنتجها Ajia-Do من أنيمي كريمي مامي – Mahou no Tenshi Creamy Mami (1983~1984)، وعلى الرغم من تواجده في بيئة مقيّدة إبداعياً كبيئة الأنيمي المتلفز، أسلوبه كان يتمتّع بالديناميكية كما سنرى لاحقاً. أحد أبرز صفات أسلوبه كانت حركات الكاميرا الديناميكية وبالأخص الالتفافات الكاملة التي استعملها عديداً، والتي لم تكن شائعةً آنذاك وكان تطبيقها أصعب دون مساعدة الكمبيوتر. يمكنك رؤيتها في بعض حلقاته من أنيمي كريمي مامي المتلفز، إلا أنه بدأ يستعرض أسلوبه بقوة في اوفا Eien no Once More و Long Goodbye، حيث أتيح لديه المزيد من الوقت والحرية. لاحظ هنا أنه وعلى الرغم من افتقاره شبه التام للخبرة، موتشيزوكي حصل على فرصة إخراج اوفات السلسلة كلها، ما يعكس التقدير الذي حصلت عليه موهبته منذ البداية.

مشهد من رسم كيكوتشي

بالطبع، لا يمكن لكل الرسامين القيام بمشاهد صعبةٍ كالمشاهد التي يحبها موتشيزوكي، والشخصان اللذان وثق بهما موتشيزوكي للقيام بهذه المشاهد في كريمي مامي كانا هيروكي تاكاغي – Hiroki Takagi، رسام تحريكٍ جيدٌ جداً، و ميتشيتاكا كيكوتشي – Michitaka Kikuchi، المعروف حالياً كماناجاكا شهير تحت اسم Kia Asamiya.

كيكوتشي آنذاك كان عضواً في استديو CAM، الاستديو الذي كان ينتمي إليه هيديكي تامورا – Hideki Tamura أيضاً. تامورا، بصفته أحد أشهر الرسامين في بداية الثمانينات، كان له تأثيرٌ واضح على كيكوتشي بطبيعة الحال. يمكنك ملاحظة هذا في مشاهده في اوفا Prefectural Earth Defence Force (1986) مثلاً، حيث عملا سويةً. استديو CAM بالمناسبة كان أشبه بمجموعة رسامين أكثر من كونه استديو، مثلما كان حال غرافيتون والعديد من الاستديوهات الصغيرة الأخرى. أما تاكاغي فكان يعمل لدى استديو Ajia-Do وبقى هناك لفترة، غالباً لأنه كان يحب العمل على اوروسي ياتسورا – Urusei Yatsura و أنيميات الماهو شوجو. بعد انتهاء مشاركة Ajia-Do في إنتاج اوروسي ياتسورا لم يعد لديه سببٌ للبقاء هناك، ومن بين الصداقات التي عقدها أثناء عمله على السلسلة كاتسوهيكو نيشيجيما – Katsuhiko Nishijima، الذي دعاه للإنضمام إلى غرافيتون بعد مشاركة الأول في إنتاج Project A-Ko سنة 1986. نيشيجيما بدوره سبق وغادر الاستديو الذي كان يعمل لديه لأنه أراد مواصلة العمل على اوروسي ياتسورا، والذي يظهر بوضوح التأثير الكبير الذي تركه هذا الأنيمي على ذاك الجيل من رسامي التحريك اليابانيين وكيف أنه غيّر شكل صناعة الأنيمي اليابانية نوعاً ما. أسلوب رسم تاكاغي، على سبيل المثال، متؤثرً بوضوح بالأشخاص الذين كان يعمل معهم والأعمال التي شارك فيها، اوروسي ياتسورا قبل كل شيء، ما يمكن رؤيته في الحلقات التي أشرف عليها كالأوفا الثامنة من Kimagure Orange Road سنة 1989، حيث تمتّعت الشخصيات بعيون دائرية بارزة وذقونٍ صغيرة.

فلنعد لموتشيزوكي. بعد مشاركته في أنيمي ماهو شوجو آخر، ماجيكال إيمي – Mahou no Star Magical Emi(1985~1986)، أصبحت معالم أسلوبه واضحة وثابتة. يمكنك العثور على حركة الكاميرا التي عرف بها في كل حلقاته من ماجيكال إيمي. في هذين العملين، ماجيكال إيمي وكريمي مامي، التقى موتشيزوكي بأهم الأشخاص في مسيرته. أولهم ماساكو غوتو – Masako Gotou، سينباي موتشيزوكي في Ajia-Do وزوجته لاحقاً، والتي أشرفت على العديد من الحلقات التي أخرجها في مختلف الأعمال، إضافةً إلى تاكاغي وكيكوتشي سالفي الذكر.

حلقات موتشيزوكي البارزة في مايجيكال إيمي كانت #7، #11، #15، #37. بالنسبة لـكريمي مامي فالأوفات هي الأهم.

بحلول منتصف الثمانينات، أصبح موتشيزوكي مخرجاً صاعداً سمع به الكثيرون، يظهر على المجلّات وله جمهوره بين متابعي الأنيمي، وهي شهرةٌ لا يحققها أي مخرج خاصةً قبل إخراجه عمله الخاص بالكامل (أقصد أنه لم يعمل سوى كمخرج حلقاتٍ حتى الآن). تسليمه اوفات سلسلة تلفازية شهيرة مثل كريمي مامي هو، كما قلت، دليلٌ على كلامي.

أحد أفضل الأفلام التي يطغى عليها أسلوبه برأيي هو فيلم Maison Ikkoku Kanketsu-hen سنة 1988، وقد يكون عملي المفضل من بين أعماله. أسلوب موتشيزوكي واضحٌ جداً في هذا الفيلم ويتخلله في كل تفاصيله، فهو المخرج الوحيد ولا وجود لـرسام لوحة القصة بين أسماء العاملين على الفيلم، ما يدفعني لتوقع أنه هو من رسمها كلها لوحده. وكما لو أن هذا ليس كافياً، كان موتشيزوكي أحد كاتبي السيناريو.

نظراً إلى براعته العالية في استعمال أقل عددٍ ممكن من اللقطات والمشاهد لإيصال ما يريده، مستعملاً تقنيّات مختلفة حتى يخلق جوّاً مقعناً للمتابع، لن توفيه الصور والفيديوهات حقه، ومن الصعب توضيح جمال أسلوبه عن طريقهما على أية حال. تقع أحداث هذا الفيلم كلها في المكان ذاته، في الليلة ذاتها، مع الشخصيات ذاتها دون تغيّرٍ في الظروف المحيطة بها. إن عدنا إلى تعريف المشهد، فهذا هو، الفيلم هذا بمدة عرض تبلغ الساعة هو عبارةٌ عن مشهدٍ واحدٍ طويل. هذه أقوى خدعة في جعبة موتشيزوكي: الانتقال المثالي بين الأحداث وأجزاء القصة دون انقطاع أو توقف. شعور الاستمرارية الذي يصنعه موتشيزوكي أساسي في إبقاء المتابع مندمجاً في الفيلم وأساسي في إقناعه بواقعية الأحداث، أنت لا تتابع فيلماً عن بضعة أشخاصٍ يقيمون حفلةً ما، حيث تنتقل الكاميرا فجأةً من مكانٍ لآخر، بل أنت جالسٌ معهم تراقبهم دون انقطاع.

مثالٌ عمّا أتحدث عنه. بالمناسبة، قال مصمم الشخصيات مورياما يوجي عن هذه اللقطة: “ميزون إكّوكو مليءٌ بمشاهد الحياة اليومية. تناول الطعام، الجلوس للحديث وما شابه. رسامو التحريك يملّون بسرعة من رسم هذه المشاهد مراراً وتكراراً، ما يدفعك إلى القيام بأشياء معقدةٍ كإدارة قنينة بيرة كهذا للتفريغ من إحباطك!”

قد تظن أن متابعة الشخصيات ذاتها تقوم بالأمر ذاته في المكان ذاته لمدة ساعة أمرٌ ممل، أو أنه نوعٌ من التقييد، وهذا لأنه كذلك! هذه الظروف عبارةٌ عن تحدٍ لأي مخرج، وصنع فيلمٍ ممتعٍ وجميل في ظلّها ليس أقل من إنجاز. متأكدٌ من وجود بعض الأفلام أو حلقات الأنيمي ذات طبيعةٍ مشابهة، التزمت بمكانٍ معين أو فترة زمنية قصيرة معينة طوال مدة عرضها، لكن لا يخطر على بالي شيءٌ نفّذ هذه الفكرة بهذا التشدّد. تخطر على بالي الحلقة التاسعة من سوزوميا هاروهي الموسم الأول، والتي استعملت القليل من زوايا الكاميرا وركّزت على غرفة النادي في أحداثها، والتي كانت من حلقاتي المفضلة في المسلسل. أحب هذا الأسلوب الإخراجي شخصياً.

كملاحظة جانبية عن الفيلم، أعتقد أن تغيير تصاميم الشخصيات واضح وكان له أثره. عن نفسي سأختار تصاميم أكيمي تاكادا دوماً دون تفكير، إحدى أفضل مصممي الشخصيات في تاريخ الأنيمي ربما، إلا أني أعترف بملائمة تصاميم يوجي مورياما للفيلم ولأسلوب موتشيزوكي. أتوقع أن موتشيزوكي سعى لخلق جوٍّ كوميدي هزلي بالاعتماد على تصرفات الشخصيات وتفاعلها مع بعضها، بدلاً من اللجوء إلى النكت أو الخدع الكرتونية التي تعرف بها أعمال روميكو تاكاهاشي (مانجاكا ميزون إكّوكو و أوروسي ياتسورا)، ولهذا احتاج تصاميم شخصياتٍ أكثر واقعيّة. إلى جانب ذلك، عُرض الفيلم بالتزامن مع عرض فيلم أوروسي ياتسورا الخامس صاحب العنوان ذاته “Kanketsu hen”، فيلمان مبنيّان على مانجتين من تأليف روميكو تاكاهاشي، ما يشبه ثنائية أفلام غيبلي التي قاموا بها مع فيلمي توتورو وقبر اليرعات.

سنة 1988 احتوت على فيلمٍ مهمٍ آخر من أفلام موتشيزوكي، فيلمٍ لم يستعرض مهاراته كمخرجٍ فحسب، بل مهاراته كراوي قصص أولاً وأخيراً، وهو فيلم Kimagre Orange Road Ano Hi ni Kaeritai. إلى جانب خدعه وتقنيّاته المعتادة، التي كانت متواجدةً بالطبع، أكثر ما أعجبني في الفيلم هو قصته. هذا الفيلم، نوعاً ما، مشابهٌ لـ Beautiful Dreamer من سلسلة اوروسي ياتسورا، في كونه فيلماً طوّر الشخصيات وأسهم في بنائها بطريقةٍ فشلت عنها المانجا أو قصّرت فيها. أريد تجنب الحرق لذا لن أدخل في التفاصيل، لكن حتى أوضح فكرتي سأذكر أن الفيلم اقتبس ما يقارب فصلاً واحداً من المانجا، وهو الفصل الذي يحوي أهم حدثٍ في القصة. لم أفهم أبداً كيف خصصت المانجا فصلاً واحداً لحدثٍ بهذه الأهمية، والفيلم أتى ليصحّح هذا. 

المقارنة بين هذا الفيلم وفيلم Beautiful Dreamer لا تنتهي عند ذلك، فكان للفيلم ظروفٌ مضطربة مع المانجاكا أيضاً. تحدث موتشيزوكي على تويتر منذ فترةٍ قصيرة عن بعضٍ من تفاصيل إنتاج الفيلم، قائلاً بأن المانجاكا المتوفى، إيزومي ماتسوموتو، لم يكن على علمٍ بالفيلم في البداية، حيث أن قرار إنتاجه صدر دون علمه. هذه حالةٌ خاصة للمعلومية، ففي العادة تحتاج لموافقة المانجاكا أو ما شابه على الأقل لإنتاج أي عملٍ يتعلق بالسلسلة. وعندما أتيحت الفرصة للمانجاكا لقراءة النص، علّق عليه قائلاً “هذا خطأ”، وانتقد كتابة الفيلم، ومن ثم كتب على موقعه ناصحاً المعجبين بالتفكير فيه على أنه “مسارٌ زمني مختلف”.

بعيداً عن تلك المشاكل، أود ذكر عملٍ آخر فريد قام به موتشيزوكي في سلسلة Kimagure Orange Road، وهي الافتتاحية الثالثة للمسلسل التلفازي. إنها إحدى أفضل الافتتاحيات التي رأيتها، حتى لو لم ألحظ هذا عند الوهلة الأولى. أعتقد أنه عليك إعادة الافتتاحية بضعة مرات لملاحظة ما يجعلها مميزةً. هل أعدت الافتتاحية مرةً أو مرتين؟ هل لاحظت إذاً أنها تنتهي حيث تبدأ؟ الافتتاحية كلها حلقةٌ متصلة دون انقطاع، باستعمال خدع الكاميرا. الافتتاحية كلها عبارةٌ عن لقطةٍ واحدة (cut)، وهذا قد يكون أسلوب موتشيزوكي في أقصى حالاته. زوجة موتشيزوكي، ماساكي غوتو، كانت مشرفة رسوم الافتتاحية، بينما رسمها تاكايوكي غوتو، والذي صمّم شخصيات فيلم KOR الأخير المسمّى “Soshite, Ano Natsu no Hajimari”.

تأثر موتشيزوكي بفيلم Beautiful Dreamer ليس بالغريب باعتبار أنه من معجبي مامورو أوشي، وهو يعدّ هذا الفلم من أفلامه المفضلة، إلا أنه، وعلى حد قوله، عمله الذي تأثر بفيلم Beautiful Dreamer بشكلٍ مباشر كان الحلقة الثالثة من اوفا Boku no Marie، بعنوان “Dreaming Android”.

مرةً أخرى يشارك موتشيزوكي في كتابة السيناريو، وتتمحور الحلقة كلها تقريباً عن حلم الشخصية الرئيسية. حلقةٌ ممتعة ومرحة بشكلٍ عام، وفي أحيانٍ أخرى نفسيّة، لكن جميلة وأنصح بها ككل. كون أحداث الحلقة تقع في معظمها في عالم الأحلام، الظروف الزمانية والمكانية وغيرها تتغير باستمرار وبشكلٍ شبه عشوائي، وعلى الرغم من هذه العشوائية لم أشعر بأن الحلقة فوضوية أو غير مترابطة. اعتمد موتشيزوكي هذه المرة في ربط عناصر الحلقة المختلفة على نقاط التركيز ومواضع عناصر المشهد بالنسبة إلى بعضها الآخر بدلاً من حركة الكاميرا المتكررة، وكانت النتيجة جيدةً جداً. ليست رحلةً في النفس البشرية وطبيعة علاقاتنا ببعضنا كتلك التي يخوضها المرء في Beautiful Dreamer، وأجزم أن موتشيزوكي كان مقيداً قليلاً بالمصدر الذي كان يقتبس منه، لكنه خرج بحلقةٍ فريدة عليها بصمته بوضوح ونجح في تطوير الشخصية الرئيسية وفهم نفسها بشكلٍ أفضل.

موتشيزوكي لن يتمكن من فعل كل هذا دون السلطة التي يمتلكها في أعماله وتدخله في العديد من نواحي الإنتاج، فكما رأينا هو لا يكتفي بالإخراج فحسب، بل يشارك في كتابة النص وحتى الإخراج الصوتي حتى ينتج الجو الذي يهدف إليه تماماً. بخبرته الطويلة هذه ومهاراته المتعددة، قبل أن يتجاوز الـ34 من عمره حتى، جعلته المرشح المثالي لاستديو غيبلي أثناء بحثهم عن مخرجٍ شاب لفيلمهم القصير المسمّى “أومي غا كيكويرو” – Umi ga Kikoeru، فيلم دراما شبابية كان هدفه تدريب العاملين الشباب في الاستديو. هذا الفيلم، و فيلم “نيكو نو أونيغايشي” – Neko no Onegaeshi، هما العملان الوحيدان اللذان أخرجهما شخصٌ من خارج الاستديو، ما يمكن النظر إليه على أنه دليلٌ آخر على موهبة موتشيزوكي الفريدة كراوي قصص.

لا شك في أن تصاميم شخصيات كاتسويا كوندو – Katsuya Kondo الجميلة هي الاختيار المثالي لمخرجٍ مثل موتشيزوكي، وأسلوبه الإخراجي هو الأنسب لنوعية القصة الواقعية، وإلى جانب كل هذا كانت لديه كل مواهب غيبلي الشابّة. الظروف كانت مهيئةً لميلاد تحفةٍ فنية جديدة، إلا أنه وكما توقعت عزيزي القارئ فالرياح لا تجري كما تشتهي السفن. بمعنى أن المدة الزمنية لإنتاج الفيلم كانت ضيقة، حوالي 8 شهور فقط (الأفلام الطويلة تحتاج سنة ونصف أو اثنين على الأقل)، والميزانية المتاحة كانت محدودةً أيضاً. لا ننسى أيضاً أن موتشيزوكي نقل للمستشفى أثناء عمله على المشروع بسبب ضغط العمل، فقد كان يشرف على إنتاج “كوكو وا غرينوود” – Koko wa Greenwood أيضاً، ولا أتوقع أنك ستستغرب لو قلت لك أني لا أعدّ هذا الفيلم أفضل أعماله، حتى لو كان أشهرها.

لا تفهمني خطأً، الفيلم ليس سيئاً، بل على العكس أعتقد أنه ممتاز. الدراما الشبابية هي تصنيفي المفضل، وأرى أنه من الصعب إتقانه، لكن موتشيزوكي أكثر من قادرٍ على ذلك. لو تحدثنا عن الأسلوب الإخراجي في الفيلم، فالكاميرا كانت ثابتةً طوال الفيلم، على عكس عادته. الخدع التي استعاض بها عن تحريك الكاميرا كانت متنوعةً، إحداها استعمال ما يسمى “الأقنعة” لتغطية أجزاءٍ من المشهد بشكلٍ تدريجي هكذا. قد تستغرب من هذه الاختيارات، لكن كل شيءٍ سيصبح واضحاً إن وصلت للمشهد الأخير، وهو المشهد الوحيد بكاميرا متحركة بل وبالتفافةٍ كاملة على ذلك. أراد تخصيص هذه التقنية المميزة لأهم مشاهد الفيلم حتى يصبح تأثيره أقوى، وهو ما نجح فيه. 

إلا أن علاقة موتشيزوكي مع غيبلي لم تنتهي هناك، حيث وبعد ترك مامورو هوسودا إنتاج فيلم “قعلة هاول المتحركة” تواصل تاكاشي نوزومو، مدير إنتاج فيلم هاول والمنتج الرئيسي لفيلم “أومي غا كيكويرو”، مع موتشيزوكي على أمل أن يكمل هو إخراج هاول. بالطبع لم ينتج عن هذه الدعوة أي شيء، لكنها تظهر أن غيبلي كانوا على الأقل معجبين بتعاونهم السابق مع موتشيزوكي.

مسيرة هذا المخرج مليئةٌ بالأعمال الجميلة والتفاصيل المثيرة للإهتمام، ولولا أنّ تدوينةً واحدةً لا يساعها احتواء كل أعماله لكنت حاولت التحدث عنها جميعاً. آمل أن تكون هذه التدوينة نجحت على الأقل في تقديم المخرج لك بالشكل الملائم، وأن أكون نجحت في إثارة رغبتك بمتابعة إحدى أعماله الرائعة. لو كنت تتساءل عن حال موتشيزوكي اليوم، فهو ما زال يعمل على العديد من الأنيميات المتلفزة هنا وهناك وبعض الأعمال القصيرة بعد مغادرته لاستديو Ajia-Do سنة 2009، إلا أن أعماله الحديثة لم ترق لي كثيراً بصراحة.